الجلوس بين يديه أو فوقه أو استناد عليه بمرفقه أو رأسه أو نحو ذلك، إلا أن يكون بينه وبينه شيء من ذلك محتملا ولا يعارضه عند سؤاله للشيخ بجواب ولا بحث، ولا بسؤال آخر للشيخ فينسى سؤاله ولا يفرق بين متضايقين أو متعاونين إلا بإذنهما، وليوقر أكابر أهل المجلس وأفاضله أكثر، وينبغي لأهل المجلس أن يرحبوا بالوارد وَيَفْسَحُوا له ويكرموه بما ينبغي لمثله، وينبغي للواحد إذا فسح له أن يضم جناحية ولا يضيق على الناس، ومتى أساء أحدهم أدبا أو أساء إلى غيره فالشيخ أولى أن يؤدبه أو يزجره أو يصلح ذات البين أو من يقدمه لذلك، وإن أساء أحد إلى الشيخ فعلى أتباعه القيام بزجره والانتصار للشيخ وفاء بحقه، وهذا حق التلميذ أن ينتصر لشيخه بالحق حاضرا كان أو غائبا، حيا أو ميتا.
الثالث: من المهمات تعظيم الكتب واحترامها فلا يضعها على الأرض ولا عند رجليه أو تحت رأسه، والكتب كلها مشتركة في هذا المعنى، وإن كانت تتفاوت في شدة الاعتناء ببعضها أكثر من بعض، وأن الكتاب لو فرض ما فيه أن يكون غير حق، فقد بقيت الحرمة للورق والحروف ولا يضع عليها شيئا غيرها إلا ما تصان به، وأما وضع بعضها على بعض فيجب أن يكون بالتعظيم، فيجعل الأشرف فوق غيره، وليحسن لها التجليد والأغشية من غير إسراف، ولا يصطنع الدفة من الورق المكتوبة فإنه من الإهانة، ولينزل الكتب عند وضعها في الخزانة منازلها، فلا بد أن يرفع الأشرف فوق غيره، ولا يخفى ذلك على من له خبرة بمراتب الفنون، وأعلى الكتبُ كتاب الله تعالى وهو المصحف، وكذا أجزاؤه، تم التفسير، ثم متن الحديث، ثم علوم الحديث، ثم الفقه، ثم الكلام، ثم أصول الفقه، ثم النحو والبيان وسائر علوم اللغة، ثم المعقول، وهكذا وإنما قدمنا الفقه على الكلام بحسب فضول الكلام، وإلا فمقصده أعلى.
وقال بعضهم: المصحف، ثم كتب الحديث الصرف كالبخاري، ثم تفسير القرآن، ثم تفسير الحديث، ثم أصول الدين، ثم أصول الفقه، ثم الفقه، ثم النحو، ثم أشعار العرب، ثم العروض، ويقدم في المستويين بكثرة الاحتواء على القرآن ثم الحديث ثم بالصحة والقدم والاشتهار، وجلالة المصنف، ولا ينبغي أن يوضع على الكتب شيء من غير الكتب إلا ما تصان به كما مر، ولا