يحيد له عن الجادة ولا يزاحمه، فإن أمكنه أن يقي الشيخ شمسا أو ريحا أو زحاما أو دابة أو كلبا عقورا أو فتنة مَّا فليكن من جهته على اليمين أو الشمال، وإن أقبل عليه الشيخ يحدثه فليكن من جهته الأخرى غير جهة الشمس أو الريح أو الدخان أو نحوه ليلا يلقى الشيخ ذلك بوجهه، وهذه أمثلة يعرف بها ما وراءها عند كل متيقظ لبيب، وإن أقبل الناس على الشيخ وهو معه فليعرفه بمن يحتاج إلى التعريف من أهل الأقدار مثلا ليلقى كلا بما يستحق، ومن لم يعلمه سأل عنه بلطف وأخبر الشيخ به ليكفيه أمر السؤال، وإن رأى أحدا يُسَارُّ الشيخ فليبعد حتى لا يسمع ما جرى، وإن لقي الشيخ في الطريق فليبدأه بالسلام على غاية البشاشة والترحيب، فإن رآه ماشيا بين يديه فلا يكلمه من خلف بل يبادر أمامه ليسلم عليه من قدام، وإن كان بعيدا فلا يناده بل يذهب حتى يصل إليه، فإن رآه في محل لا تليق فيه الملاقاة لضيق أو عورة أو لا يحب الشيخ فيه ملاقاة أوأن لا يراه بعينه أصلا فلا يلقاه حتى يمكن إذ الأهم حفظ قلب الشيخ، وقد يراه منقبضا في الوقت عن الناس فلا يزاحم.

وقد حدثنا بعض أشياخنا عن بعض أشياخه رحم الله الجميع أنه خرج في يوم خميس فرأى تلميذا له قد أقبل من بعيد في طريقه تلك، وعلم أنه يلقاه، فيسلم عليه، فقال: يا فلان لا تفسد علي خميسي -أي بالسلام- واذهب من طريق أخرى، نعم إن كانت حيلة أو لطافة في بسطه وتأنيسه فلا بأس، وقد حكى الغزالي في الإحياء أنه صلى الله عليه وسلم خرج يوما منقبضا فلم يستطع أحد أن يدنو منه، فجاءهم بعض من له لطف وفكاهة من الصحابة، فقال لهم: أرأيتم إن أضحكته لكم، فتقدم إليه، فقال يا رسول الله: بأبي أنت وأمي بلغنا أن الدجال يخرج في مسغبة ومعه جبل خبز، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم هو أهون على الله من ذلك، فقال: ما ترى فداك أبي وأمي آكل من ثردته حتى إذا تضلعت شبعا آمنت بالله وكَفرت بالدجال؟ فضحك صلى الله عليه وسلم. قاله اليوسي في القانون.

الثاني: ينبغي للتلميذ كما يتأدب مع الشيخ أن يتأدب مع الحاضرين ومع الرفقة كلها ويحترم مجلسه، فإن ذلك من احترام الشيخ فلا يسيء إلى أحد منهم بانتهار له أو شتمه أو اجتذابه أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015