وتبجيل، ويقبل قبول مطيع مذعن، فمتى ذكر الشيخ أمرا فلا يقل له لا نسلم هذا، أو من قاله أو من ذكره: فليتلطف وليكن في مجلس آخر، ولا يقل له لم ذلك؟ فقد قيل: من قال لشيخه لم لم يفلح أبدا، ومتى سمع من الشيخ أمرا فليستبشر به في الحال، وإن كان قد علمه كما مر، فإن ظهر أنه خلاف الصواب وأصر الشيخ عليه لغفلة أو قصور فلا ينكر عليه، ولا يلاجه إذ لا عصمة إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وليتحفظ من مواجهة الشيخ بصورة الرد عليه؛ كان يقول له الشيخ: أنت قلت كذا أو مرادك في فهمك أو خطر لك كذا، فيقول: لا ما قلت هذا وما خطر لي هذا، وما هو مرادي أو نحو هذا وليتحفظ أيضا من مواجهة الشيخ بصورة لا تليق في باب الحكايات، كأن يقول عند مخاطبة الشيخ: قال لي فلان أنت جاهل، أو لا خير فيك، أو فعل الله بك كذا، وليغير هذه العبارة كأن يقول، قال لي فلان يعني نفسه هو جاهل، أو الأبعد يعني نفسه: أو يخاطبه بما يجري على ألسنة جفاة العوام فيما بينهم، كقوله للشيخ عند الخطاب: أسمعت أفهمت أتدري أتعرف أو نحو ذلك، والعرف قد يختلف والضابط هو ما مر من مراعاة حفظ قلب الشيخ فللعبارة أثر، بل وللنظرة وللجلسة، فليحافظ على ذلك كله، وليحذر من أن يسبق الشيخ إلى شرح معنى أو جواب سائل، أو يعيده بعد ذكر الشيخ له إظهارا منه لمعرفته، اللهم إلا أن يلزمه الشيخ شيئا من ذلك فيمتثل، وليحذر أيضا من أن يقطع كلام الشيخ بسؤال أو حكاية أو غير ذلك، بل يصبر حتى يفرغ الشيخ فيسأل، وإن تصدر الشيخ يتحدث بعلوم أو حكايات أو أخبار ثم فرغ من قصة فلا ينبغي للتلميذ أن يذكر قصة أخرى تشبه ذلك، فيؤدي ذلك إلى انقطاع حديث الشيخ وصيرورة الكلام بينه وبين التلاميذ مناوبة، فهذا من سوء الأدب، بل من حق التلميذ أن يغمد لسانه ويفتح أذنيه لما يستفيد من الشيخ، وليدع علمه مطويا حتى يحتاج إليه.

وقد قال الحكيم: إنما جعل للإنسان لسان واحد وأذنان ليكون سماعه أكثر، ولا يقل عند سماع قصة: قد نص عليها أو ذكرها فلان في كتابه أو نحو ذلك، بل يظهر من نفسه أنه ما رأى شيئا من ذلك ولا سمعه قط، فهو أحفظ لقلب الشيخ اللهم إلا أن يعلم أن الشيخ يحب ذلك، وليستعمل الأدب في المناولة، فإن تناول من الشيخ شيئا أو ناوله إياه فباليمين، فإن كان ورقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015