تنبيهات الأول: قال في المدونة: ويكره أن يعمل في صوم التطوع ما يكره أن يعمل في صوم الفريضة. أبو الحسن: مثل الحقنة، والسعوط، وذوق الملح والطعام، ومضغ العلك، وسائر ما تقدم مما يكره في الفرض. انتهى. وقد مر أن من أفطر في النفل ناسيا ثم أكل بعد ذلك متعمدا أنه يحرم عليه ذلك ويلزمه القضاء، وقال الشارح: فإن أفطر في تطوعه ناسيا فظن أن صومه قد فسد فأفطر ثانيا فإنه يقضيه، هكذا قالوا. وفيه نظر فإنهم إنما ذكروا إذا أفطر ثانيا عامدا، وأما المتأول فظاهر كلام ابن ناجي أنه لا شيء عليه. قاله الحطاب.

الثاني: علم من قوله: "وفي النفل بالعمد الحرام"، أن إتمام صوم النفل واجب ولا يجوز قطعه، ابن عبد السلام: هذا هو المذهب، ومذهب المخالف عندي أظهر للأحاديث الواردة في ذلك، وقال الأمير: وفي النفل بالعمد الحرام ولو بطلاق بت أو عتق، لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، وتمسك الشافعية بظاهر: (الصائم المتطوع أمير نفسه (?)). انتهى. وتمام الحديث: إن شاء صام وإن شاء أفطر، والجواب ما قال الترمذي: إن هذا الحديث في سنده مقال، وأجيب أيضا بأن قوله المتطوع؛ أي مريد التطوع، فقوله: إن شاء صام أي أنشأ الصيام، فالوجوب بالآية المتقدمة، ولقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، ولما في الموطإ وغيره (أن عائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين وأهدي لهما طعام فأفطرتا عليه، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: يا رسول الله أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا طعام فأفطرنا عليه، فقال: اقضيا مكانه يوما آخر (?))، ولو كان الفطر جائزا لم يلزمهما القضاء، ولأن العمل على ما قلناه، ألا ترى قول ابن عمر: ذلك يلعب بصيامه؟ قاله في التوضيح.

الثالث: علم مما مر أن الأعذار التي لا يلزم المتطوع فيها قضاء إذا أفطر لأجلها عشرة: ثلاثة منها لا يفسد معها الصوم ويجب عليه الإمساك بقية يومه وهي: النسيان، والإكراه، والجهل. وسبعة لا يجب معها الكف عن المفطرات وهي: الحيض، والنفاس، والجنون، والإغماء، وشدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015