وفي النفل بالعمد الحرام؛ يعني أن صوم التطوع يجب قضاؤه على من أفطر فيه عمدا إذا كان فطره ذلك حراما؛ بأن يفطر عمدا من غير ضرورة ولو لسفر طرأ عليه أو تطوع به فيه، خلافا لابن حبيب لا بالفطر ناسيا أو مكرها، ولا إن أفطر فيه جهلا لأنه لا يفسد مع الجهل والنسيان والإكراه إلا الفرض، ولا إن لم يحرم الفطر، كشدة جوع أو عطش، أو خوف تجدد مرض أو زيادته، أو أمر والديه أو شيخه أو سيده إذا تطوع بغير إذنه، فلا يجب فيه قضاء، ولا يجب فيه الكف أيضا. قاله عبد الباقي.

وأما العمد الحرام في النفل، فهل يجب معه الإمساك أولا؟ قولان. قاله ابن الحاجب. وقال ابن عرفة: الشيخ: روى ابن نافع لا وجه لكف مفطره عمدا لا لعذر، ونقل ابن الحاجب وجوب الكف لا أعرفه. انتهى.

وقد علمت أن الفطر في النفل سهوا لا يوجب خللا، فمن حلف بالطلاق ليصومن غدا وصامه ثم أفطر فيه سهوا لا حنث عليه، وبه صرح التتائي عن ابن عرفة، وإن ترك صومه سهوا حنث كمن حلف ليفعلن غدا كذا وتركه نسيانا، وقوله: "وفي النفل بالعمد الحرام"، قد مر أن السفر ليس بعذر، قال الحطاب: وفي السفر روايتان، مذهب المدونة أنه ليس بعذر، وروى ابن حبيب أنه عذر يسقط القضاء، وكذلك أوجب في المدونة القضاء على من تطوع بالصوم في السفر ثم أفطر، وفي الجلاب رواية أخرى بسقوطه. انتهى جميعه من التوضيح.

ونص المدونة: ومن تسحر بعد الفجر وهو لا يعلم، أو أكل ناسيا لصومه فإن كان في تطوع فلا شيء عليه ولا يفطر بقية يومه، فإن فعل قضاه، قوله: لا شيء عليه، نفي للوجوب، وهل قضاؤه مستحب أم لا؟ سمع ابن القاسم استحباب قضائه، ولم يحك ابن رشد غيره، وقال ابن بشير: في استحبابه قولان، ولو أكل في النفل ناسيا حرم عليه الأكل ثانيا؛ لأن صومه لم يفسد كما مر. انتهى كلام الحطاب.

وقال الحطاب: وعلم من قوله: "العمد الحرام"، أنه لو أفطر متأولا، لا قضاء عليه، وقال ابن ناجي: ظاهر كلام الباجي يقتضي أن من أفطر في تطوعه متأولا أنه لا يقضي، لقوله: كل ما يسقط الكفارة في رمضان يسقط القضاء في التطوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015