وعلم مما قررت أيضا أن الضمير في قوله: "دليله"، عائد على الصوم، ويصح أن يرجع للفجر أو الغروب، والأول أولى لشموله لهما.
واعلم أن من تسحر للنافلة فظهر له أن ذلك بعد الفجر يجب عليه الإمساك؛ لأن صومه لم يفسد، فهو بمنزلة من أفطر في النفل ناسيا، وأما من تسحر لقضاء رمضان ثم تبين له أن ذلك بعد الفجر فإنه لا يجب عليه الإمساك، قال الشيخ ميارة:
ومن تسحر لنفل أو قضا ... فبان ذا من بعد فجر قد أضا
فالأول الفطر عليه يحرم ... إن بيتهْ ولا قضاء يلزم
وذيلت هذين البيتين بثالث فقلت:
والنص في الثاني جواز الفطر ... وكونه يمسك أولى فادر
وقد علمت أن محل لزوم الإمساك لمن تسحر للنافلة إن بيت الصوم، وأما إن كانت نيته أن يتسحر ثم يعقد الصوم بعد سحوره، فله أن يأكل بقية يومه ولا قضاء عليه، وكذا إن لم ينو الصوم من أول الليل. ابن حبيب: وإن سمع المؤذن وهو يأكل ولا علم له بالفجر، فيكف ويسأل المؤذن عن ذلك الوقت، فيعمل على قوله: فإن لم يكن عنده عدلا ولا عارفا فليقض، وإن كان في قضاء رمضان فليقض، ويباح له فطر ذلك اليوم أو التمادي. انتهى. قاله الخرشي.
وإلا احتاط؛ يعني أن من لم يعرف دليل الصوم إذا لم يجد مستدلا أو وجده [فاقدا بعض] (?)، ما يعتبر فيه، فإنه يحتاط بتأخير الفطر وتقديم السحور، بحيث يتيقن الغروب في الأولى وبقاء الليل في الثانية.
وبما قررت علم أن معنى قوله: "وإلا": وإن لا يجد مستدلا عدلا عارفا بالأدلة. الجوهري: الدليل ما يستدل به، والدليل الدال، وقد دله على الطريق يدله دَلالة ودِلالة ودُلولة. انتهى.