وقوله: "وكأكله شاكا في الفجر"، قد مر أنه يحرم عليه الأكل في حالة الشك وهو المشهور، وقيل: يندب له ترك الأكل، وعليه فيندب له القضاء، وقيل يباح له الأكل، وعليه فلا يندب له القضاء، ولا يجب عليه ذكره الشاذلي وغيره: وفي بعض النسخ وفي الفجر بالواو، وعلى هذه النسخة يكون المصنف أفاد حكم المسألتين بالتصريح؛ أعني مسألتي الشك في الغروب والشك في الفجر، وقوله: "وكأكله شاكا في الفجر"، يدخل فيه ما لو قال له شخص: أكلت بعد الفجر، وقال له آخر: أكلت قبل الفجر. قاله الشبراخيتي.

أو طرأ له الشك يعني أن الشخص إذا أكل معتقدا بقاء الليل أو حصول الغروب، ثم طرأ له الشك فإنه يجب عليه قضاء ذلك اليوم. واعلم أن الشك في الصورتين المشتمل عليهما قوله: "وكأكله شاكا"، سابق، وفي الأخيرتين المشتمل عليهما قوله: "أو طرأ له الشك"، لاحق، وقوله: "أو طرأ له الشك"، هذا في الفرض، وأما النفل فلا قضاء عليه فيه. قال عبد الباقي: والنفل مخالف للفرض في هذا، فليس عليه قضاء فيه، هذا هو الظاهر. انتهى. قوله: هذا هو الظاهر، قال محمد بن الحسن: قصور؛ إذ عدم القضاء هو نص المدونة كما في المواق؛ لأن فطره ليس بعمد حرام. انتهى. وقوله: "أو طرأ له الشك"، قال الشبراخيتي: ظاهره ولو بعد فراغ الصوم، وهذا يناسب قول مالك: إن الصلاة عبادة واحدة. انتهى.

قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: علم مما تقدم أنه لا بد في صحة الصوم الفرض من حصول اليقين، فمن شك أنه حصل منه مفطر أو توعم ذلك وجب عليه قضاء ذلك اليوم، وكلام الشبراخيتي وابن يونس صريح في ذلك أو كالصريح. والله سبحانه أعلم.

ومن لم ينظر دليله اقتدى بالمستدل؛ يعني أن الشخص إذا لم يعرف دليل الصوم؛ أي لم يعرف الدليل المتعلق بالصوم وجودا أو عدما من فجر أو غروب فإنه يقتدي بالمستدل والمستدل هو العدل العارف بالأوقات، أو المستند إلى العدل العارف. وظاهر كلامهم أن من لم يعرف دليل الصوم له أن يقتدي بالمستدل، وإن قدر هذا الذي لم يعرف الدليل على الاستدلال.

وبما قررت علم أن المراد بالنظر في قوله: "ومن لم ينظر دليله": المعرفة، فقوله: "ومن لم ينظر دليله "؛ أي لم يعرف دليله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015