وقوله: "ومن لم ينظر دليله"، قد تقدم أن المراد به: لم يعرف، وكذا الحكم لو عرف فله أن يقتدي بالعدل العارف، والفرق بين هذا وبين قوله في القبلة: "ولا يقلد مجتهد غيره"، كثرة الخطإ في القبلة لخفائها دون دليل الصوم. إلا المعين؛ مستثنى من قوله: "وقضى في الفرض مطلقا" استثناء متصلا؛ يعني أن الشخص إذا نذر أن يصوم زمنا عينه كتسع ذي الحجة مثلا وأفطر فيه لأجل مرض. فإنه لا يلزمه قضاؤه إذا صح، فمحل لزوم قضاء الصوم المفروض بالفطر فيه مطلقا إنما هو في غير النذر المعين إذا أفطر فيه لأجل واحد من هذه الأمور الثلاثة: المرض، والحيض، والنسيان، وأما إن أفطر فيه لأجل المرض فإنه لا يلزمه قضاء سواء أفطره كله أو بعضه، وكذا لا يلزمه قضاؤه كلا أو بعضا حيث أفطر لأجل الحيض، كما أشار إلى ذلك بقوله: أو حيض؛ يعني أو نفاس، ومثله الإغماء والجنون، وإنما لم يقض لفوات الزمن، فإن زال عذره -وقد بقي منه يوم أو أكثر- فإنه يصومه. والله سبحانه اعلم. أو نسيان؛ يعني أن النذر المعين كما لا يجب قضاؤه على من أفطر فيه لمرض أو حيض، لا يجب قضاؤه أيضا على من أفطر فيه لأجل نسيان؛ أي لكونه نسي أنه نذر هذا الزمن الذي أفطره، وقوله: "أو نسيان"، قال عبد الباقي: ضعيف، والمعتمد قضاؤه مع وجوب إمساك بقية يومه، والفرق بينه وبين المرض أن الناسي معه ضرب من التفريط، وكذا إن أفطر فيه مكرها أو لخطإ وقت كصوم الأربعاء يظنه الخميس المنذور، أو بسبب سفر قصر لأن رخصته خاصة برمضان. انتهى. قوله: وكذا إن أفطر فيه مكرها الخ؛ أي عليه القضاء وهو الذي في الطراز، وقال الحطاب: إنه المشهور، وفي الخرشي أنه لا قضاء عليه في الإكراه، وأصله في التلقين ويدل عليه قول ابن عرفة لكنه خلاف المشهور كما علمت. قاله محمد بن الحسن. وقال الشبراخيتي: وقوله: "أو نسيان"، تبع فيه تشهير ابن الحاجب، وهو خلاف ما تجب به الفتوى، والذي في المدونة أن فيه القضاء مع وجوب إمساك بقية يومه، ومثل النسيان في القضاء خطأ الوقت وفطر السفر والمكره. انتهى.

وقال عبد الباقي: وشمل المصنف ناسي تبييت الصوم في المعين ثم تذكر أثناءه، والمفطر فيه ناسيا بعد تبييت الصوم، وتارك التبييت عمدا معتقدا أنه الذي قبله أو بعده، ثم تبين في أثنائه أنه المعين، فيجب عليه الإمساك وعدم القضاء على كلام المصنف، والراجح وجوب القضاء في هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015