الثالث: لا كفارة فيما وصل للجوف بالحقنة، وإن تعمد وهو ظاهر؛ إذ لا كفارة فيما وصل من غير الفم، قال عبد الحق: قال ابن سحنون: ولا تجب الكفارة فيما وصل من غير الفم من عين أو أذن أو غيرهما، وإن تعمد ذلك وهو يصل إلى حلقه. انتهى. نقله الحطاب. وقال الشبراخيتي: وفي المدونة كراهة الحقنة، وهل هي على بابها أو على التحريم؛ لأنها شعبة من عمل قوم لوط تفعلها العجم خلاف، وظاهرها النهي ولو من ضرورة. وفي التوضيح وغيره عن جماعة من الصحابة كراهتها إلا من ضرورة غالبة، قال ابن حبيب: وهو الذي رواه مطرف عن مالك. انتهى. أو حلق، عطف على قوله: "لمعدته"؛ يعني أن ما وصل من المنفذ العالي للحلق يفسد الصوم، فلا يشترط وصوله للجوف إلا على قول ضعيف، فقوله: "أو حلق"، هو راجع لقوله: "متحلل أو غيره"، فيما إذا كانا واصلين من منفذ عال، ولا أطلق المصنف في الحلق علم أنه راجع للمتحلل وغيره، ولما قيد الحقنة بالمائع علم أنها راجعة للمتحلل، ولما نوَّع الأعالي للمنفذ المتسع والضيق ولم يفعل ذلك في الأسافل دل على تقييد الأسفل بالمنفذ الواسع وهو الدبر لرجل أو امرأة، وفي فرج المرأة ما مر وإحليل الرجل لا قضاء في الواصل منه، فتقرير المصنف: ويشترط في صحة الصوم عدم وصول متحلل أو غيره لحلق الصائم في الواصل من منفذ أعلى واسعا أو ضيقا، ولا يشترط وصوله للجوف إلا على قول ضعيف، ويشترط في صحة الصوم عدم وصول المتحلل من منفذ سافل للمعدة بشرط أن يكون المنفذ واسعا، فقوله: "لمعدته"، في الواصل من المنفذ الأسفل، وقوله: "أو حلق" في الواصل من منفذ أعلى كما عرفت، وقوله: "بمائع" إنما أظهر الاسم ولم يجعله ضميرا يعود على المتحلل لأنه قدم ذكر المتحلل وغيره، فلو أعاد عليه ضميرا مفردا لتوهم أنه عائد على قوله "غيره"؛ لأن الضمير يعود على أقرب مذكور أو توهم عوده على المتحلل، وغيره على تأويل ما ذكر. والله سبحانه أعلم.
واعلم أن هذه المسألة تشتمل على ثمان صور لأن الصائم إذا وصل إلى داخله شيء، فإما أن يكون من أسفل أو من أعلى، وفي كل إما أن يكون متحللا أو غيره، فتلك أربعة، وفي كل منها إما أن يكون من منفذ ضيق أو واسع، فتلك ثمانية، فإن كان من أعلى اشترط وصوله للحلق متحللا أو غيره فيجب القضاء في الواصل للحلق من أعلى واسعا أو ضيقا، فتلك أربع صور يجب فيها