والحاصل أن الحقنة إذا تحقق وصولها للجوف في الصوم، حرمت لإفسادها للصوم وإن تحقق عدم وصولها للجوف جازت، وإن استوف الاحتمالان كرهت. قاله أبو الحسن. فإن تحقق الوصول للجوف قضى، وإن تحقق عدمه فلا قضاء، وإن شك جرى على الخلاف فيمن أكل وهو شاك في الفجر.

تنبيهات: الأول: ما حكم الحقنة لغير الصائم؟ حكى ابن حبيب كراهتها عن جماعة من السلف إلا لضرورة؟ لأنها شعبة من عمل قوم لوط ولا تعرفها العرب؛ وهي من أدوية العجم، وروى الكراهة مطرف، وروى ابن عبد الحكم لا بأس بها، ويمكن حمله على الضرورة فيتفقان. قاله الخرشي.

ونقل الحطاب عن ابن حبيب في كتاب له في الطب: كان علي وابن عباس ومجاهد والشعبي والزهري وعطاء والنخعي والحكم بن عيينة وربيعة وابن هرمز يكرهون الحقنة إلا من ضرورة غالبة، ويقولون: لا تعرفها العرب وهي فعل العجم؛ وهي ضرب من عمل قوم لوط، قال ابن حبيب: وأخبرني مطرف عن مالك أنه كرهها، وذكر أن عمر بن الخطاب كرهها، وقال: هي شعبة من عمل قوم لوط، قال عبد الملك: سمعت ابن الماجشون يكرهها، ويقول: كان علماؤنا يكرهونها، قال ابن حبيب: وكان من مضى من السلف وأهل العلم يكرهون التعالج بالحقن إلا من ضرورة غالبة لا يوجد عن التعالج بها مندوحة، وسئل مالك في مختصر ابن عبد الحكم عن الحقنة، فقال: لا بأس بها. الأبهري: إنما قال ذلك لأنها ضرب من الدواء، وفيه منفعة للناس، وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم التداوي وأذن فيه، فقال: (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله فتداوَوْا عبادَ الله (?)). انتهى. خليل: فظاهره معارضة النقل، ويمكن تأويله على حالة الاضطرار فيتفق النقلان. انتهى كلام الحطاب.

الثاني: ما ذكره المصنف من فساد الصوم بالحقنة من المائع هو في المدونة، وقال اللخمي: اختلف في الاحتقان بالمائعات، هل يقع به فطر أم لا يقع به؟ وهو أحسن لأن ذلك مما لا يصل إلى المعدة ولا إلى موضع يتصرف منه ما يغذي الجسم بحال. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015