القضاء، وإن كان من أسفل وجب القضاء في صورة وهي ما إذا كان الواصل للمعدة متحللا من منفذ واسع على ما مرة لا الواصل من ضيق كإحليل الرجل مانعا أو جامدا، ولا الواصل من منفذ واسع إذا كان جامدا. هذا تحقيق المسألة. والله سبحانه أعلم. وإن من أنف أو أذن أو عين؛ يعني أنه لا يشترط في إبطال الصوم بما وصل للحلق من المنفذ الأعلى أن يكون ذلك المنفذ واسعا كما مر، بل يجب القضاء فيما وصل من الأعلى ولو كان الأعلى منفذا ضيقا كأنف أو أذن أو عين، وسواء كان الواصل للحلق مائعا أو جامدا كما مر تحقيقه عن محمد بن الحسن، ولا قضاء فيما وصل من جائفة، ونَقْلُ ابن الحاجب القضاء فيه منكر، والذي يصل من العين ككحل نهارا، فإن تحقق عدم وصوله للحلق من هذه المنافذ فلا قضاء عليه كما في المدونة، ولو شك فقد قدمت ما يفيد أن المشهور فيه وجوب القضاء، وهو أن أبا الحسن قال: لو احتقن وشك في وصول الحقنة لجوفه جرى على الخلاف فيمن أكل وهو شاك في الفجر. انتهى: وسيأتي التصريح عنه بما يفيد ما ذكرت، ومحل وجوب القضاء فيما يصل من هذه المنافذ إن فعله نهارا، فإن فعله ليلا فلا شيء عليه في هبوط ذلك نهارا للحلق، بل ولا للمعدة كما نقله محمد بن الحسن عن الذخيرة، ونصها على ما قال: من اكتحل ليلا لا يضره هبوط الكحل في معدته نهارا. انتهى.
وفصل ابن هلال فقال في الكحل والحناء: يجوز فعلهما أول الليل، ويحرم آخره كالنهار. انتهى. وإنما كان الواصل نهارا من هذه المنافذ لا قضاء فيه فيما إذا استعمل ليلا؛ لأنه غاص في أعماق البدن فكان بمثابة ما ينحدر من الرأس إلى البدن، قال عبد الباقي: وأشعر كلامه -يعني المصنف كابن الحاجب- بأن ما وصل نهارا من غير هذه المنافذ لا شيء فيه، فمن دهن رأسه نهارا فوجد طعم ذلك بحلقه فلا قضاء عليه، والمعروف وجوب القضاء، ومثله من جعل الحناء برأسه نهارا فاستطعمها بحلقه فالقضاء كما ذكره الحطاب وابن غازي، وأما من حك رجليه بالحنظل فوجد طعمه في فيه، أو قبض بيده على الثلج فوجد برودته في جوفه فلا شيء عليه. انتهى. وظاهر قوله: "أو حلق"، شموله لمخارجه كلها أدناها وأوسطها وأعلاها الذي هو الهمزة والهاء، وللشافعية: مخرج الحاء المهملة له حكم الباطن عند النووي والرافعي، ومخرج الخاء المعجمة من الظاهر عند النووي دون الرافعي، ولم أر لأصحابنا فيه نصا. قاله الشيخ علي الأجهوري.