تكفي، ولو استمر صائما على المعتمد لانقطاع وجوب التتابع، بل لابد من تبييت النية كل ليلة؛ لأنه يشترط في الاكتفاء بنية واحدة وجوب التتابع، فإذا لم يجب ابتداء أو انتهاء فلابد من تبييتها كل ليلة في ذلك الذي لا يجب تتابعه، فإن انقطع وجوب التتابع ثم زال المانع اكتفى لما بقي بنية واحدة، كما أفاد ذلك بقوله: "وكفت نية لما يجب تتابعه"، وأما ما قبل الانقطاع فصحته بالنية الأولى معلومة لا تحتاج إلى التنبيه عليها. والله سبحانه أعلم.
وقد مر أنه لا تكفي النية الأولى، ولو استمر صائما على المعتمد؛ وهو الذي يفيده الشيخ سالم، وتحقيق المباني، وكفاية الطالب؛ وهو مفهوم قوله: "لما يجب تتابعه"، وقيل: لا يحتاج للتبييت كل ليلة -كما مر- وما في التتائي من إيهام تساوي القولين غير معول عليه، وعلى المعتمد يجب القضاء إذا لم يبيت وإن لم يفطر: وهل يجب الإمساك؟ ظاهر ما يأتي للمصنف أنه لا يجب الإمساك حيث قال: "وفطر بسفر قصر شرع فيه قبل الفجر ولم ينوه فيه"، فإنه صادق بما إذا نوى الفطر به، وما إذا لم ينو شيئا، قال الشيخ علي الأجهوري: وأيضا المسافر الذي لم ينو الصوم في السفر بمنزلة من أفطر في غير رمضان؛ إذ له الأكل فيه فرمضان في حقه كغيره. تأمل. انتهى.
واعلم أن حصول المرض والسفر في أثناء النهار لا يقطع استدامة النية حكما في ذلك اليوم، وإنما يقطع استصحابها في ابتداء الصوم فيما بعد ذلك. والله أعلم. قاله الحطاب.
وعلم مما قررت أنه دخل بالكاف ما يفسد الصوم من حيض أو نفاس أو إغماء أو جنون، وكذا تبييت الفطر ولو ناسيا، وكذا الفطر عمدا. وقد مر أنه إذا زال العذر تكفي نية واحدة لما بقي لأنه يجب تتابعه، وأما الفطر في النهار ناسيا مع تبييت الصوم فلا يقطع التتابع على المعتمد، وأما المكره فحكمه حكم المريض؛ أي فيقطع التتابع لأجل إكراهه.
ولابن عاشر رحمه الله تعالى:
وَنِيَّةٌ تَكْفِي لِمَا تَتَابُعُهْ ... يَجِبُ إِلاَّ إِن نَّفَاهُ مَانِعُهْ