وقوله: "لا إن انقطع تتابعه بكمرض أو سفر"، قد علمت أن المدار إنما هو على انقطاع وجوب التتابع، وعبارة الحطاب: والمعنى أن النية إنما تكفي فيما يجب تتابعه ما لم يحصل فيه ما يقطع وجوب التتابع، كالمرض والسفر، فإن حصل ذلك فيه فلا تكفي النية السابقة، ولو أراد المكلف استمراره على الصوم ومتابعته فلا بد له من التجديد كل ليلة، وقال الفاكهاني في شرح الرسالة: من نوى جميع رمضان من أوله ثم سافر في أثنائه، اختلف فيه قول مالك، فقال في المبسوط: لا يحتاج إلى التبييت، وقال في العتبية: يحتاج إلى تجديد النية. انتهى. واستظهر في البيان الاكتفاء بنية واحدة في أوله، فإنه قال: وأما إن كان الصيام يجوز تفريقه كقضاء رمضان وصيامه في السفر وصيام كفارة اليمين وفدية الأذى، فاختلف إذا نوى متابعة ذلك، هل تجزئه نية واحدة في أوله، أو يلزمه تجديد النية لكل يوم؟ لجواز الفطر على قولين: الأظهر منهما أنه تجزئه نية واحدة في أوله ما لم يقطعها بنية الفطر عامدا، وأما ما لم ينو متابعته من ذلك فلا خلاف في أن عليه تجديد النية لكل يوم. انتهى.
وبما قررت علم أن قوله: "لا إن انقطع تتابعه"، معناه لا إن انقطع وجوب تتابعه، فلا يتوهم منه أنه إن استمر صائما تكفيه النية الأولى. وبنتاء، عطف على قوله: "بنية".؛ يعني أنه يشترط في صحة الصوم مطلقا فرضا أو نفلا أداء أو قضاء النقاء من الحيض والنفاس، يريد في جميع النهار، وأفاد أيضا أنه شرط وجوب، بقوله: ووجب إن طهرت قبل الفجر، يعني أن المرأة إذا طهرت قبل الفجر، فإنه يجب عليها صوم يوم تلك الليلة التي طهرت فيها؛ أي رأت علامة الطهر ولو الجفوف لمعتادة القصة، فلا تنتظرها لضيق الوقت. وإن لحظة؛ يعني أنه يجب عليها الصوم حين طهرت قبل الفجر، ولا فرق في ذلك بين أن تكون قد طهرت قبل الفجر بزمن يسع الغسل، وبين أن تكون قد طهرت قبله بزمن قليل قدر لحظة وما فوقها مما لا يسع الغسل، وهذا هو المشهور كما صرح به غير واحد، وقال ابن الماجشون: إن طهرت قبل الفجر بزمن يسع الغسل فلم تغتسل حتى طلع الفجر أجزأها صومها. وإن كان الوقت ضيقا لا يسع الغسل لم يجزها صومها انتهى من التوضيح. وعلى ابن الماجشون رد المصنف بالمبالغة كما قاله غير واحد، وظاهره