سحنون، وإن أمذى فعليه القضاء إلا أن يحصل عن نظر أو تذكر من غير قصد متابعة، ففيه قولان أظهرهما أنه لا قضاء عليه، وإن أنزل فثلاثة أقوال، قال مالك في المدونة إن عليه القضاء والكفارة مطلقا، وأصح الأقوال قول أشهب: لا كفارة عليه إلا أن يتابع حتى ينزل، والثالث الفرق بين اللمس والقبلة والمباشرة فيكفر مطلقا، وبين النظر والتذكر لا كفارة عليه فيهما إلا أن يتابع ذلك حتى ينزل، وهذا القول هو ظاهر ابن القاسم في المدونة. انتهى باختصار. انتهى كلام محمد بن الحسن. وقال الشبراخيتي: وأما الإنعاظ، فقال الناصر اللقاني: فيه القضاء على قول ابن القاسم في المدونة: ورواية ابن وهب وأشهب فيها عن مالك سقوط القضاء، وقاعدة الشيوخ أن قول مالك في المدونة مقدم على قول ابن القاسم فيها، فَإن قُلْتَ: القول بأن الإنعاظ من المفطرات رواية ابن القاسم لا قوله كما سيأتي للتتائي ونحوه في الحطاب، فَالْجَوابُ أنه في المدونة من قوله وفي غيرها من روايته، ومعلوم أن رواية غيره في المدونة مقدمة على قوله فيها، وعلى روايته في غيرها. انتهى. فالشبراخيتي جعل المشهور في الإنعاظ عدم لزوم القضاء، وقد مر قريبا عن الحطاب عن الشيخ زروق أن المشهور في الإنعاظ لزوم القضاء. والله سبحانه أعلم. وحجامة مريض من إضافة المصدر إلى مفعوله؛ يعني أن المريض إذا كان صائما فإنه تكره له الحجامة، والمراد بالمريض من يحس من نفسه بالضعف أو لا يعلم ما يحصل له، وإن كان صحيحا في نفسه فتكره له الحجامة مخافة أن يحصل له تغرير، فإن علم عدم السلامة حرمت. واحترز بقوله: فقط عن الصحيح وهو القوي الذي يعلم من نفسه السلامة فلا تكره له الحجامة.
والحاصل أن من علم من نفسه السلامة فلا تكره له الحجامة وهو الصحيح، ومن لم يعلم من نفسه السلامة وهو المراد بالمريض -وإن كان صحيحا في نفسه- تكره له مع الشك، وتحرم مع تحقق عدم السلامة، وبهذا الحمل يوافق المصنف ظاهر المدونة والرسالة، وهو الذي يدل عليه نقل التوضيح، وإذا تقرر أن من لم يعلم من نفسه السلامة لا يحتجم فإنما ذلك إذا لم يكن تأخير الحجامة يضربه، وإلا وجب عليه فعل ذلك، وإن أدى إلى الفطر. والله أعلم.
واعلم أنه إن احتجم أحد على تغرير ثم احتاج إلى الفطر فلا كفارة عليه؛ لأنه لم يتعمد الفطر. قاله الحطاب. وقوله: "وحجامة مريض"، مثل الحجامة الفصادة، وأما خبر: (أفطر الحاجم