وقوله: "كقبلة وفكر"، إنما جمع المصنف بين المثالين؛ لأنه لو اقتصر على القبلة وهي من الأعلى، لتوهم أن الأدنى وهو الفكر جائز، ولو اقتصر على الفكر لتوهم أن الأعلى حرام مطلقا. إن علمت السلامة؛ يعني أن محل الكراهة في مقدمة الجماع للصائم إنما هو حيث علمت السلامة من مني ومذي وإنعاظ، وإلا مركب من إن الشرطية ولا النافية؛ أي وإن لا تعلم السلامة مما ذكر، بل تحقق عدمها أو شك في ذلك. حرمت، القدمة.
وقد قدمت أن معنى قول المصنف: "إن علمت السلامة"، من مني ومذي وإنعاظ، وقال الحطاب: ومعنى قوله: "إن علمت السلامة"، قال في التوضيح: يعني من المني، والمذي وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد في قوله: والقبلة والملاعبة: وما ذكره من كراهة القبلة وما في معناها هو المشهور إن علمت السلامة من المني والمذي والإنعاظ، وإن علم نفيها أو اختلف حاله حرمت، وكذا إن شك على الأرجح من قولين حكاهما ابن بشير بالكراهة والتحريم، ولا قضاء في مجردها فإن أنعظ أو أمذى قضى على المشهور، وإن أمنى قضى وكفر على المشهور. انتهى.
وما ذكره في الفكر هو الذي ارتضاه في توضيحه آخرا، فإنه قال في قول ابن الحاجب: والمبادي كالفكر والنظر والقبلة والمباشرة والملاعبة إن علمت السلامة لم تحرم وإن علم نفيها حرمت: وإن شك فالظاهر التحريم، وقال: لم يذكر اللخمي وابن بشير التفصيل الذي ذكره المصنف إلا في الملاعبة والمباشرة والقبلة، وأما النظر والفكر فنص ابن بشير على أنهما إذا لم يستداما لم يحرما اتفاقا.
واعلم أن كراهة مقدمة الجماع للصائم تتفاوت في الأشدية، فأخفها الفكر، وأشد منه لمس اليد، وأشد منه القبلة، وأشد منها المباشرة، وأشد من المباشرة الملاعبة بالفرج على شيء من الجسد. انظر الحطاب.
وقال محمد بن الحسن: قال ابن رشد: تحصيل القول في هذه المسألة أنه إن نظر وتذكر قاصدا إلى التلذذ بذلك، أو لمس أو قبل أو باشر فسلم فلا شيء عليه، وإن أنعظ ولم يمذ ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أن عليه القضاء وهي رواية ابن القاسم، والثاني أنه لا شيء عليه وهي رواية أشهب، والثالث الفرق بين المباشرة فيقضي وما دونها فلا قضاء؛ وهو قول ابن القاسم الذي أنكره