يليق بهم فإنهم خير الأمة وخير القرون، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا: قال الحافظ المنذري: المنهي عنه من علم النجوم، هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان، كمجيء المطر، ووقوع الثلج، وهبوب الريح، وتغير الأسعار، ونزول الموت، وغير ذلك. ويزعمون أنهم يعرفون ذلك بسير الكواكب لافتراقها واجتماعها، وظهورها في بعض الأزمان، وهذا علم استأثر الله تعالى به لا يعلمه أحد غيره، فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم، والذي يعرف به الزوال وجهة القبلة، وكم مضى من الليل، وكم بقي منه فغير داخل في النهي. والله أعلم.

(وإذا ذكر القدر فأمسكوا (?))، القدر بالتحريك هو تعلق الأشياء بالإرادة في أوقاتها الخاصة، فأمسكوا عن محاورة أهله ومقاولتهم لما في الخوض في ذلك من المفاسد، قال البَغَوِيُّ: سر القدر سر الله تعالى لم يُطلِع عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، لا يجوز الخوض فيه والبحث عنه من طريق العقل، بل يعتقد أن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم فريقين: أهل اليمين خلقهم للنعيم فضلا، وأهل الشمال خلقهم للجحيم عدلا، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}، فأمر صلى الله عليه وسلم بالإمساك عن الخوض فيه؛ لأن من يبحث لا يأمن من أن يصير قدريا أو جبريا، ويجب من علم النجوم ما يعلم به أدلة القبلة عينا، ومقتضى القواعد أن يكون ما يعرف منه أوقات الصلاة فرضا على الكفاية لجواز التقليد في الأوقات وموطن الاستحباب هو ما يعين على الأسفار وينجي من ظلمات البر والبحر انتهى.

وقال الحطاب: ولا يجوز لأحد أن يصوم بقول المنجم، ولا يجوز له هو أن يعتمد على ذلك وسواء

في ذلك العارف فيه وغيره، وقد أنكر ابنُ العربي في العارضة على ابن شريح الشافعي في تفريقه بين من يعرف في ذلك ومن لا يعرفه، قال في التوضيح: وروى ابن نافع عن مالك في الإمام الذي يعتمد على الحساب أنه لا يقتدى به ولا يُتبع، قاله الحطاب. وقال: ظاهر كلام أصحابنا أن الراد بالمنجم الحاسب الذي يحسب قوس الهلال ونوره، ورأيت في كلام بعض الشافعية أن المنجم الذي يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني، والحاسب الذي يحسب سير الشمس والقمر، وإذا لم يعمل بقول الحاسب فمن باب أولى أن لا يعمل بقول المنجم، وقال ابن الحاجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015