بقوله: أوله كذا، ولو في نفسه، وسواء وقع في القلب صدقه أولا، وفي الحديث: (من صدق كاهنا أو عرافا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد (?)). انتهى.
والكاهن هو الذي يخبر عن الأمور المستقبلة، والعراف هو الذي يخبر عن الأمور الماضية أو المسروق أو الضال أو نحو ذلك. انتهى. وفي حديث آخر: (من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا يؤمن بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (?))، وفي حديث آخر: (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (?))، وفي الترغيب عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: (من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (?))، قال ابن زكري: وأفاد بقوله: فصدقه، أن الفرض أنه سأله معتقدا صدقه، فلو سأله استهزاء معتقدا كذبه لم يلحقه الوعيد، والمراد أن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر، وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإِلْهَامٍ فصدقه من هذه الجهة لا يكفر، والعرافة مختصة بالأمور الماضية كمعرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، والكهانة مختصة بالحادثة. وقوله: لم تقبل له صلاة أربعين يوما، قال الأبي: عياض: مذهب أهل السنة أن السيئات لا تحبط الحسنات، وإنما يحبطها الكفر، فعدم القبول عدم الرضا وعدم قبول الأجر لا قبول الأداء وسقوط التكليف.
قلت: القبول عبارة عن حصول الثواب، والصحة عبارة عن سقوط الأداء، فإذا لم تقبل له صلاة لم يثبت ثوابها، ويسقط التكليف، ولما ذكر المناوي عن النووي أن معنى عدم القبول عدم الثواب، ذكر أنه اعترض بأن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، فكيف يسقط ثواب صلاة صحيحة بمعصية لاحقة؟ قال: فالوجه أن يقال: المراد من عدم القبول عدم تضعيف الأجر، وجاء في الخبر: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا) (?) ومعنى الحديث إذا ذكر أصحابي بما شجر بينهم من الحروب والمنازعات فأمسكوا وجوبا عن الطعن فيهم والخوض في ذكرهم بما لا