ولا يلتفت إلى حساب المنجمين اتفاقا، وإن ركن إليه بعض البغداديين يشير به إلى ما روي عن ابن شريح وغيره من الشافعية، وهو مذهب مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين. ابن بزيزة: وهي رواية شاذة في المذهب رواها بعض البغداديين عن مالك. انتهى. وقال في التوضيح: قوله وإن ركن إليه بعض البغداديين: يشير به إلى ما روي عن ابن شريح وغيره من الشافعية؛ وهو مذهب مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين. ابن العربي: كنت أنكر على الباجي نقله عن بعض الشافعية لتصريح أئمتهم بلغوه حتى رأيته لابن شريح، وقاله بعض التابعين.
وقد رد ابن العربي في عارضته على ابن شريح وبالغ في ذلك وأطال، وظاهر كلام المصنف أن ابن الشخير يقول: يُعْتَمَدُ على حساب المنجمين وليس كذلك، إنما يقول إنه يعمل على ذلك هو في خاصته كما يأتي بيانه، وقال القرافي في الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلاة: يجوز إثباتها بالحساب والآلات، وكل ما دل عليها، وقاعدة رؤية الهلال في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب، وفيه: قولان عندنا وعند الشافعية، والمشهور في المذهب عدم اعتبار الحساب، قال سند: لو كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه، مع أن حساب الأهلة والخسوف والكسوف قطعي، فإن الله سبحانه أجرى عادته بأن حركات الأفلاك وانتقالات الكواكب السبعة على نظام واحد طول الدهر وكذلك الفصول الأربعة، والعوائد إذا استمرت أفادت القطع، وإذا حصل القطع فينبغي أن يعتمد عليه كأوقات الصلاة، والفرق هاهنا -وهو عمدة السلف والخلف- أن الله تبارك وتعالى نصب زوال الشمس سببا لوجوب الظهر وكذلك بقية الأوقات، فمن علم سببا بأي طريق لزمه حكمه، فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع، وأما الأهلهّ فلم ينصب خروجها من شعاع الشمس سببا للصوم، بل نصب رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي ولا يثبت الحكم، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته (?))، ولم يقل لخروجه من شعاع الشمس، كما قال في الصلاة: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}؛ أي لميلها. انتهى. وفيه