ثم رجعوا وباتوا بها، ووقفوا بها يوم السبت، ويقع بمكة في مثل هذا الحال -أعني إذا وقع الشك في وقفة الجمعة- خباط كثير والله أعلم. انتهى. ومستفيضة، مقتضى كلام علي الأجهوري وعبد الباقي والشبراخيتي أنه معطوف على قوله: "عدلين"، ومعنى ذلك أن رمضان يثبت برؤية الجماعة المستفيضة، ونص الأجهوري وقوله: "أو مستفيضة"، المراد بهم جماعة يفيد خبرهم العلم أو الظن القريب منه، ولا بد أن يكونوا كلهم ذكورا أحرارا، أو بعضهم كذلك؛ وهو ظاهر كلام التتائي. انتهى. ونص عبد الباقي عند قوله: "أو مستفيضة": وهم -كما قال ابن عبد الحكم- أن يخبر برؤيته من لا يمكن تواطؤهم على الكذب، وإن كان فيهم نساء وعبيد بحيث يحصل بهم العلم أو الظن القريب منه حتى لا يحتاجوا إلى التعديل، وإن لم يبلغوا عدد التواتر. انتهى. ونص الشبراخيتي: أو برؤية جماعة مستفيضة؛ وهي التي ينتشر عنهم الخبر بحيث يفيد خبرهم العلم الضروري أو الظن القريب منه، ويستحيل تواطؤهم على الكذب عادة، ولابد أن يكونوا كلهم ذكورا أحرارا أو بعضهم كذلك، فلو كانوا كلهم عبيدا أو نساء، فإنه لا يكتفى بهم كما في الحطاب، والمستفيضة ليس لهم عدد محصور، لكنهم لا ينقصون عن خمسة، فقد تكون الخمسة مستفيضة إذا أفاد خبرهم العلم الضروري، وقد لا تكون إذا لم يفد ذلك. انتهى. ولا يخفى ما في كلام عبد الباقي والشبراخيتي كما حرره محمد بن الحسن، وذلك أن الذي ذكره ابن عبد السلام والتوضيح أن الخبر المستفيض هو المحصل للعلم أو الظن القريب منه وإن لم يبلغوا عدد التواتر، والذي لابن عبد الحكم أن المستفيض هو الخبر الحاصل ممن لا يمكن تواطؤهم على باطل -كما نقله عنه ابن يونس- وهذا هو التواتر المحصل للعلم، واقتصر عليه ابن عرفة والأبي والمواق، فهذا التفسير أخص والأول أعم منه، قال محمد بن الحسن: وخلط الزرقاني بينهما؛ إذ قوله: ولا يمكن تواطؤهم عادة على الكذب، يناقضه قوله بعده: بحيث يحصل به العلم أو الظن القريب منه، وكذا قوله: وإن لم يبلغوا عدد التواتر، وهذا أيضا وارد على كلام الشبراخيتي. وقال الخرشي إن قوله: "أو مستفيضة"، صفة لموصوف محذوف، معطوف على برؤية؛ أي برؤية مستفيضة؛ وهي التي يخبر بها من يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة، ولو كان فيهم العبيد والصبيان: وأما الاستفاضة بالأخبار، بأن يقولوا سمعنا أنه رُئِيَ الهلال فلا يثبت بها لاحتمال أن