يكون أصل الخبر عن واحدة ويقال: فاض الخبر يفيض واستفاض أي فشا وشاع، وحديث مستفيض أي منتشر في الناس، ولا تقل مستفاض، ولا يخفى أن قولهم جماعة مستفيضة إنما هو على جهة التجوز أي مستفيض خبر رؤيتها. والله سبحانه أعلم. وعم إن نقل بهما عنهما؛ يعني أن الحطاب بالصوم يعم سائر البلاد إذا نقل ثبوت رمضان عند أهل بلد "بهما"؛ أي بالعدلين والمستفيضة "عنهما"؛ أي عن العدلين والمستفيضة، فمعنى عم أنه يعم أهل البلاد وجوب الصوم بسبب ذلكَ النقل، لكن بشرط عدم البعد جدا والواو فيهما بمعنى أو،
والحاصل أن صور النقل ست؛ لأن النقل إما عن رؤية العدلين أو المستفيضة أو عن الحكم، والناقل في الثلاث إما العدلان أو المستفيضة وكلها تعم لكن بشرط عدم البعد جدا في الجميع، والصور الستة يشملها كلام المصنف، قال أبو عمر: أجمعوا على عدم لحوق حكم رُؤْيَةِ مَا بَعُدَ كالأندلس من خراسان، وفي كلام عبد الباقي هنا نظر، وقوله: وعم إن نقل بهما عنهما، سواء كانت الشهادة المنقول عنها ثبتت عند حاكم عام كالخليفة، أو خاص على المشهور، أو نقلت عن غير حاكم، ومقابل المشهور قول عبد الملك: إذا كانت الشهادة عند حاكم خاص فإنه يقصر على من في ولايته، واعلم أنه إذا نقل العدلان عن العدلين فلا بد أن ينقل عن كل اثنان ليدى أحدهما أصلا، ويكفي نقل اثنين عن واحد ثم هما عن الآخر، واحترز بذلك عما إذا نقل واحد من الناقلين عن واحد من الأصلين ثم هما عن الآخر أو الآخر من الناقلين عن الآخر، من الأصلين، أو نقل واحد من الأصلين، وآخر عن الآخر من الأصلين فإن ذلك لا يفيد. لا بمنفرد، عطف على قوله: "برؤية عدلين"؛ يعني أن الهلال لا يثبت برؤية عدل واحد، فلا يصام ولا يفطر لرؤيته، ولو خليفة أو قاضيا أو مثل عمر بن عبد العزيز. ابن عرفة: والمذهب لغو رؤية العدل كغيره. ابن حارث: اتفاقا. انتهى. وظاهر كلامه أنه لا خلاف فيه، وقال اللخمي: منع مالك أن يصام بشهادة الواحد لا على وجه الوجوب، ولا على وجه الندب، ولا الإباحة، قال سحنون: ولو كان مثل عمر بن عبد العزيز ما صمت بقوله ولا أفطرت، ثم نقل عن ابن الماجشون إجازة الصوم برؤية الواحد، وروى في التيسير عن أصحاب السنن، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال. إني رأيت الهلال -يعني هلال