والظاهر لو فرض ذلك أنه علامة عدم تحقق الاستفاضة فإنها تختلف باختلاف الأحوال. انتهى. وجرى خلاف فيمن رأى هلال رمضان وحده فصام ثلاثين، ثم لم يره أحد والسماء مصحية، فقال محمد بن عبد الحكم وابن المواز: هذا محال ويدل على أنه غلط، وقال بعضهم: الذي ينبغي أن يعمل في ذلك على اعتقاده الأول، ويكتم أمره. ذكره في التوضيح. ولا يستبعد هذا بتكذيب الشاهدين المتقدم لأنه في تكذيبهم بالنسبة لصوم الناس، كما مر، قال بعض: ومقتضى كلام التوضيح أند يعحمل في الغيم [على رؤيته] (?)، وهو ظاهر. انتهى. وإذا ثبت برؤية عدل حيث لا يعتنى بأمر الشهر، ثم بعد ثلاثين رأى شوالا عدل غيره، فقط، فانظر هل يكذب أولا؟ والظاهر أنه إن كان يُعتَنَى بهلال شوال كذب وإلا لم يكذب، وهذا النظر على القول بعدم تلفيق شهادة شاهد بأوله لآخر آخره، وأما على التلفيق فلا يتأتى هذا النظر: ولو ثبت رمضان بعدلين ولم يكن يعتني بهلال شوال، ومضى ثلاثون ورآه عدل غيرهما، فالظاهر أنهما لا يكذبان لأن العدل بمنزلة عدلين؛ لأن الفرض أنه في محل لا يعتنى فيه بأمر الهلال.

وقوله: "فإن لم ير بعد ثلاثين صحوا كذبا"، قال الأمير: فَإنْ قُلْتَ: من اكتفى في هذه الصورة بنية أول الشهر مقتضاه فساد جميع صومه لعدم تبييتها ولا قائل به، قلت: عذروه بالشبهة على أن بعض الأئمة كالشافعية لا يكذب في هذه الحالة مع الخلاف في تقديم النية في الجملة. انتهى. وقوله: "فإن لم ير بعد ثلاثين"، قال الحطاب: قال ابن ناجي في شرح المدونة: وقعت هذه المسألة بالقيروان، وجلس شيخنا أبو مهدي لرؤية هلال شوال بجامع الزيتونة ليلتين ولم يُرَ وانحرف على قاضي الزيتونة في تسرعه لقبول الشهادة، ولو كانت بثبت ما وقع في مسألة قال مالك في شهودها ما قال، ولم يقع في عصرنا قط، ولا بلغنا أنها وقعت في غيره. انتهى.

قال الحطاب: وقد أخبرني والدي رحمه الله تعالى أنه وقع لهم في سنة من السنين أن جماعة شهدوا بمكة بهلال ذي الحجة ليلة الخميس حرصا على أن تكون الوقفة بالجمعة، ثم عد الناس ثلاثين يوما من رؤيتهم ولم ير أحد الهلال، لكن لطف الله تعالى بالناس ولم يفسد حجهم بسبب أنهم وقفوا بعرفة يومين، فوقفوا يوم الجمعة ثم دفع كثير منهم حتى خرجوا من بين العلمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015