الناس يوما إذا كانت شهادة الشاهدين على رؤية هلال شوال، وعد الناس ثلاثين يوما ولم يروا هلال ذي القعدة، وكذلك يفسد الحج إذا شهدا بهلال ذي الحجة.

وبما قررت علم أن قوله: "فإن لم ير بعد ثلاثين صحوا كذبا"، مفرع على ما قبل المبالغة وعلى ما بعدها، وأعني بالمبالغة قوله: "ولو بصحو بمصر"، وظاهر المصنف أنهما يكذبان، ولو حكم بشهادتهما حاكم وهو ظاهر حيث كان الحاكم به مالكيا، وأما لو حكم به من لا يرى تكذيبهما كالشافعي فإنه يجب الفطر؛ لأن مقتضى حكمه أن لا يراعى إلا العدد خاصة دون رؤية الهلال. قاله بعض شيوخنا وَاعْتُرِضَ عليه بمسألة المصنف، فأجاب بما قدمناه فَاعْتُرِضَ بأن الشهود قد ظهر فسقهم، فينقض الحكم المرتب على شهادتهم، فأجاب بأنه لم يظهر فسقهم عند الحاكم بهم بل عند غيره، والفسق المضر هو المتفق على كونه فسقا قاله أحمد. وفيه نظر؛ لأن حكم الشافعي بلزوم الصوم ليس حكما بالفطر بعد ثلاثين على الوجه المذكور، فلم يقع الحكم بما فيه الخلاف بين الإمامين، بل بما اتفقا عليه وهو لزوم الصوم أول الشهر، فلا يجوز للمالكي الفطر لأنه لم يقع فيه حكم من الشافعي. نعم، إن وقع منه حكم بموجب لزوم الصوم أي حين الرؤية كان حكما بالفطر بعد ثلاثين وإن لم ير الهلال. قاله عبد الباقي. قال محمد بن الحسن: محل تنظيره إذا كان فرض الكلام أنه حكم بالصوم عند رؤيتهما ولم يقع منه حكم بالفطر لأجلهما، ولكنه مقتضى حكمه الأول. انتهى. وقال عبد الباقي. وغيره: وما ذكره الحطاب من عدم جواز الفطر حيث حكم الشافعي بالفطر أي عند تمام الثلاثين في مسألة المصنف، مبني على القول بعدم لزوم الصوم بحكم المخالف لا على القول بلزومه. انتهى. قال محمد بن الحسن: فيه نظر، بل إنما هو مفرع على مقابله وهو القول بلزومه. انتهى.

وقوله: "صحوا"، قال الحطاب بعد أن نقل ما يدل على صحة كلام المصنف: وهو ظاهر؛ لأن الحكم عليهما بكونهما شاهدي سوء إنما يظهر حينئذ، وأما مع وجود الغيم أو صغر المصر وقلة الناس، فيحمل أمرهما على السداد. انتهى. وقوله: "فإن لم ير بعد ثلاثين صحوا كذبا"، مثلهما ما زاد عليهما ولم يبلغ عدد المستفيضة كما مر كانوا بصحو أو لا بمصر أو لا، وأما الجماعة المستفيضة فلا تكذب قاله الخرشي. وقال الأمير: وأما المستفيضة فلا يمكن فيها التخلف عادة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015