كانت جل عيش قوم أجزأتهم، قال الخطاب: وهو مخالف لما في المدونة من أنه لم يقل بالإجزاء إلا إذا كان ذلك عيشهم، ولم يقل إذا كان جل عيشهم. فتأمله.
الرابع: علم مما مر أن قول المصنف من معشر فيه بحث؛ إذ المراد به الأصناف الثمانية كما عرفت، وكذا قوله: غير علس فيه بحث أيضا لأنه لم يستثن إلا العلس فقط، وقد قدمت في أول الحل الاعتذار عنه. واعلم أن قوله: "إلا أن يقتات غيره"، معناه إذا لم يكن مقتاتا إلا ذلك الغير، ولم يكن غيره من الأصناف التسعة مقتاتا لا غالبا ولا نادرا ولا على السواء، فإنه حينئذ يجزئ إخراج زكاة الفطر من ذلك الغير، وهذا هو المشهور. ومقابله عدم الإجزاء. ووجه المشهور أن في تكليفه غير قوته حرجا عليه، ورأى في القول الآخر الاقتصار على ما ورد في الحديث، ورواه ابن القاسم في القطاني أنها لا تخرج، وإن كانت قوته. قاله الحطاب. وأشار إلى القسم الثاني من المخرج عنه، بقوله: وعن كل مسلم يمونه. قوله: "وعن كل" عطف على قوله: "عنه"؛ يعني أنه كما يلزم الشخص إخراج الصاع أو جزئه عن نفسه، يلزمه أيضا إخراج ذلك عن كل مسلم تلزمه نفقته بوجه من الوجوه الآتية. قوله: "يمونه" من مانه مونا إذا احتمل مؤنته كما في الصحاح. فهو بالتخفيف فقط؛ أي تلزمه نفقته، وهو من باب يقول. وأما مان يمين من باب يبيع فمعناه: كذب، كما في حاشية الأمير.
بقرابة، متعلق بيمونه، والباء سببية؛ يعني أنه يلزم الشخص أن يخرج زكاة الفطر عن كل من تلزمه نفقته من المسلمين بسبب القرابة، وذلك محصور في الأبوين دنية والولد مباشرة؛ أي الذين لا مال لهم، فيخرجها الأب عن ولده، وإن لم يعلمه بها إن صغر، فإن بلغ فلا بد من إعلامه لأنه لا بد في الزكاة من النية على المذهب قاله ابن فرحون. وإعلامه قائم مقام النية، ومقتضى المذهب أنها لا تجب على كافر عن مسلم يمونه كعبد أسلم عند سيده الكافر قبل دخول وقت وجوبها عليه، واستمر بيده لوقت مضي وجوبها حتى نزع منه، أو أسلمت أم ولده، أوله قرابة مسلمون في نفقته كأبويه وولده الكبير الزمن. قاله في الطراز، وكذلك قال أبو حنيفة.
وقال أحمد بن حنبل: تجب، وللإمام الشافعي قولان، قال عبد الباقي؛ وظاهر قول المصنف هنا "بقرابة"، وقوله الآتي: "أورق"، موافق لأحمد، وإن كان خلاف قول سند: مقتضى المذهب لا