وقال: محمد بن الحسن: ظاهره -يعني المصنف كظاهر المدونة- وجوب التسلف، وصرح ابن رشد بالاستحباب، قاله محمد بن الحسن. وقول ابن رشد هذا لا ينافي قول محمد وابن حبيب: إنه لا يلزمه أن يتسلف. والله سبحانه أعلم. واعلم أن قول المصنف: وإن بتسلف كالصريح في أنها لا تسقط بالدين؛ لأنه إذا وجب تداينها فأحرى أن لا تسقط بالدين وهو المذهب. قاله الشيخ إبراهيم. ومر قول الخطاب: لو أتى بلو لكان أجرى على عادته لخ، وأجاب التتائي بأنه قد يشير بإن للخلاف المذهبي. قاله عبد الباقي.
وهل بأول ليلة العيد أو بفجره خلاف؛ هذا هو الركن الثالث، ويتعلق الكلام به من أربعة أوجه ستأتي قريبا إن شاء الله؛ يعني أن الشيوخ اختلفوا في الوقت الذي يتعلق الخطاب بزكاة الفطر فيه، فمنهم من ذهب إلى أن الخطاب بها يتعلق بأول ليلة العيد؛ أي يحصل وجوبها عند أول ليلة العيد، وهو لابن القاسم في المدونة، وشهره ابن الحاجب وغيره، وذلك إذا غرب جميع قرص الشمس من آخر يوم من رمضان، فمن كان موجودا في ذلك الوقت تعلق به الخطاب بها، فلو مات بعد ذلك أخرجت عنه: ومن ولد بعد الغروب أو أسلم أو أيسر بعده لم تجب عليه، ومنهم من ذهب إلى أن الخطاب بها إنما يتعلق بطلوع الفجر من يوم الفطر؛ وهو المراد بالعيد فمن كان موجودا في ذلك الوقت، تعلق به الخطاب؛ أي وجب عليه، ومن مات قبل طلوع الفجر أو ولد بعده أو أسلم أو أيسر بعده لم تجب عليه وهذا القول شهره الأبهري، وقال ابن العربي: إنه الصحيح. وصححه أيضا ابن رشد، ورواه ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون عن مالك.
وقوله: "خلاف"، مبني على الخلاف في المراد بالفطر المضاف إليه زكاة، هل هو الفطر الجائز بعد الغروب من آخر يوم من رمضان، أو الواجب بفجر يوم العيد. في الموطإ عن ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان (?)).
وعلم مما قررت أن وقت الوجوب لا يمتد على كلا القولين، فمن أيسر بعد الغروب وأعسر قبل الفجر، أو ولد بعد الغروب ومات قبل الفجر لا تخرج عنه باتفاق القولين: وكذا عبد ملك بعد الغروب وزال ملكه قبل الفجر وكذا امرأة تزوجها بعد الغروب وماتت أو بانت منه قبل الفجر،