فَيُقدِّمُ فطرته واستوائهما فيخرج عند الضيق الموسر به عنهما، وكذا الحكم في تعدد الزوجات، فيخرج الموسر به عنهما أو عنهن، وكذا لو تعدد الولد، وكذا يصنع مع الأم والأب عملا في الجميع بقوله: "أو جزؤه"، هذا هو الظاهر، لا ما لعبد الباقي. والله سبحانه أعلم.
وعلم مما مر أنه لو قدر على إخراج صاع عن نفسه وعلى إخراج بعض صاع عمن تلزمه نفقته لزمه ذلك، وقوله: "قوته"، القوت بالضم في يقوم به بدن الإنسان من الطعام، يقال: قات أهله يقُوتُهُم قوتا وقياتة، ويقال في عنده قوت ليلة، وقيتة بكسر القاف وإبدال الواو ياء، وقوله: "عياله"، عيال الرجل من يعوله؛ أي من يقوم بنفقته، وواحد العيال عيل، ويجمع أيضا على عيائل، مثل جيد وجياد وجيائد، وأعال الرجل: كثر عياله فهو مُعِيلٌ والمرأة معيلة.
وإن بتسلف؛ يعني أنه يلزم إخراج في ذكر من الصاع أو جزئه حيث فضل عن قوته وقوت عياله، وإن كان لا ينال هذا الصاع أو جزءه إلا أن يتسلف، فيجب عليه أن يتسلف ليؤدي زكاة فطره إلى الفقراء، وهذا هو المشهور. وقال ابن المواز وابن حبيب: لا يلزمه أن يتسلف؛ لأنه ربما تعذر وجود القضاء فتبقى في ذمته، ولو قال: ولو بتسلف لكان أجرى على عادته؛ لأن الخلاف مذهبي. قاله الحطاب. وفي المدونة: ويؤديها المحتاج إن وجد أو وجد من يسلفه، فإن لم يجد لم يلزمه إن أيسر بعد أعوام قضاؤها لماضي السنين. انتهى. قاله الحطاب. وقوله: "وإن بتسلف"، إنما يلزمه أن يتسلف إذا كان يرتجي وجود القضاء، قال أبو الحسن: قوله في المدونة: أو وجد من يسلفه، معناه إذا كان يرتجي القضاء، وقال ابن القصار: وسمعت من يقول إنه إنما يتسلفها من كان له من حيث يؤديها ويبين لمن يتسلفها منه أنه يخرجها زكاة عنه، فمتى فتح له رد. انتهى. قاله الحطاب. وقال:
فرع: اختلف في زكاة الفطر، هل يسقطها الدين؟ قال اللخصي: قال أشهب: لا تسقط بخلاف العين، وقيل: تسقط كالعين. انتهى. والقول الثاني لعبد الوهاب، وقال الشبيبي: الظاهر أن الدين لا يسقطها. انتهى. وقال أشهب: ظاهر الكتاب يسقطها الدين. انتهى من الذخيرة. وقال ابن فرحون: القول بالسقوط لابن القاسم، وقال أبو الحسن: اختلف، هل يسقطها الدين أم لا؟ قولان مشهوران. انتهى. والله أعلم. انتهى كلام الحطاب.