وإنما تضمنت مدح من فعل ذلك، ويصح المدح على المندوب، والأعم لا دلالة له على الأخص، ولعل وجه استدلال الغير بذلك مع ظهور ما للخمي أن المدح يقتضي الطلب، والأصل فيه الوجوب حتى يثبت دونه. وقوله: "صاع"؛ أي إخراج صاع، والصاع أربعة أمداد، كل مد ملء اليدين المتوسطتين. لا مقبوضين ولا مبسوطتين قاله عبد الباقي.
وقال الخرشي والشبراخيتي: الصاع أربعة أمداد، كل مد رطل وثلث بالبغدادي، وتقدم أن الرطل البغدادي مائة وثمانية وعشرون درهما مكيا. انتهى. وتقدم أن الدرهم المكي خمسون وخمسا حبة من مطلق الشعير، وقد حُزِرَ الصاع فَوُجِدَ أربع حفنات بكف الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما، هذا هو قدره الذي لا يختلف، فليس كل مكان فيه مد النبي صلى الله عليه وسلم.
ونقل الرجراجي عن أبي محمد أنه قال: بحثنا عن مد النبي صلى الله عليه وسلم فلم نقع على حقيقته؛ يعني حقيقة قدره، وأحسن ما أخذناه عن المشايخ أن قدر مد النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يختلف أو لا يعدم في سائر الأمصار أربع حفنات بحفنة الرجل الوسط، لا بالطويل جدا ولا بالقصير جدا، ليست بمبسوطة الأصابع جدا ولا بمقبوضتها جدا؛ لأنها إن بسطت فلا تحمل إلا قليلا، وإن قبضت فكذلك. قال الرجراجي: وقد عارضته بما يزعم الناس أنه مده صلى الله عليه وسلم، فوجدناه صحيحا لا شك فيه. وكان عند شيخ الطريقة وإمام الحقيقة أبي محمد صالح مُدُّ عُبِّرَ يمُدِّ زيد بن ثابت رضي الله عنه، مكتوب عنده بسند صحيح، فعبرناه على هذا التعبير فكان مده ذلك القدر. وقوله: "صاع"؛ أي يجب إخراج صاع كامل في حق المسلم الحر القادر عليه عن نفسه وعن كل مسلم تلزمه نفقته بسبب من الأسباب الآتية.
واعلم أن أركان الفطرة أربعة: المخرج بفتح الراء، والمخرج عنه، والوقت المخرج فيه، ومن تدفع إليه، وتكلم المصنف على جميعها، فبدأ بالكلام على الركن الأول، وهو المخرج بفتح الراء، وَيُتَكَلَّمَ عليه باعتبار قدره ونوعه، فبدأ بالكلام على قدره، فقال: إنه صاع.
أو جزؤه؛ يعني أن الواجب في زكاة الفطر قدره صاع في حق المسلم القادر عليه الحر عن نفسه وعن كل مسلم تلزمه نفقته على ما يأتي، أو جزء صاع في عبد مشترك ومعتق بعضه كما يأتي، وفي حق من لم يجد غيره فيخرجه الشخص عن نفسه أو عمن تلزمه نفقته، لقول سند: من قدر