نفسه مثلا، وقوله: يعطى بالبناء للمفعول ونائب الفاعل مستتر يعود على الصاع أو جزئه، وأشار المصنف إلى بيان الحكم والسبب والقدر، بقوله: يجب بالسنة صاع؛ يعني أن زكاة الفطر واجبة على المشهور، ومقدارها صاع، ووجوبها بالسنة أي بالحديث لا بالقرآن على المشهور، والدليل على وجوبها ما في الموطإ عن ابن عمر: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان)، ومقابل المشهور في الوجوب قول أشهب: إنها سنة أَوَّل قوله في الخبر: (فرض)؛ بمعنى قدر، وهو بعيد لما في الترمذي: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي في فجاج مكة: ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم)، ولِمَا قاله ابن دقيق العيد أنه وإن كان أصل فرض في اللغة قدر، لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب، فالحمل عليه أولى، وقوله: في فجاج مكة، هو الصواب، كما ذكره غير واحد، وهو الواقع في سنن الترمذي. وَوهِمَ بعضهم من أن فرضها في السنة الثانية ومكة حرب، فجعلها المدينة زاعما أن بعث المنادي إنما يكون عقب الفرض، قال: ولو قلنا إن البعث بعد فلم خصها مع أنه فرض في الثانية أمورا كثيرة كزكاة المال والصوم. انتهى. وهذا توهيم للرواية بمجرد توهم العارضة، وهو معيب عند المحدثين، وأما ما زعم أنه إنما يكون عقب الفرض فغير لازم؛ إذ لم يقل بعث حين فرضت، وكذا لا يشكل عدم بعث المنادي في غيرها للفرق بين الصلاة والصوم لعلم حكمهما من القرآن دونها، وبعث النادي يحتمل سنة الفتح أو سنة حج أبي بكر بالناس، أو سنة حجة الوداع والأول أظهر، وقد تقرر أن الدليل إذا عارضه غيره وجب تأويله، فيجب تأويل قوله: في فجاج، بأحد ما قلنا ولا تُوهَّمُ الرواية على أنه لا يلزم بعث المنادي في كل حكم، وما سأل عنه هذا البعض يسأل عنه على ما قاله من المدينة. وقوله: "صاع"، فاعل "يجب"، وما ذكره المصنف من أن زكاة الفطر واجبة بالسنة هو المشهور كما مر؛ لأن آية الزكاة العامة سابقة عليها، فعلم أنها غير مرادة بها أو غير صريحة في وجوبها. قاله الأمير. وقيل: واجبة بالكتاب، فقيل: من عموم آيات الزكاة، وقيل: بدليل خاص؛ وهو قوله تعالى: {قد أفلح من تزكى}؛ أي أخرج زكاة الفطر، {وذكر اسم ربه فصلى}؛ أي صلاة العيد، والمشهور كما قال اللخمي أن: معنى تزكى: تطهر، وإنما يقال فيمن يزكي زكى أي أدى الزكاة، ومعنى {صلى}، أتى بالصلوات الخمس على أنه ليس في الآية أمر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015