فصل: ذكر فيه حكم زكاة الفطر وما يتعلق بذلك، والفطرة بكسر الفاء خاصة لفظة مولدة اصطلح الفقهاء عليها، وليست عربية ولا معربة؛ وهي كون الكلمة عجمية فساقها العرب على منهاجها؛ وهي من الفطرة التي هي الخلقة أي زكاة الخلقة، وهي المُخْرَجُ الآتي بيانه.
واعلم أن الفطرة فرضت في السنة الثانية من الهجرة في ثالث عشر من شعبان عام فرض رمضان. ابن عرفة: هي مَصْدَرًا إعطاء مسلم فقير لقوت يوم الفطر صاعا من غالب القوت أو جزءه المسمى للجزء المقصور وجوبه عليه، ولا ينتقض بإعطاء صاع ثان لأنه زكاة كأضحية ثانية، وإلا زيد مرة واحدة. واسْمًا صاع من غالب القوت أو جزؤه المسمى للجزء المقصور وجوبه، يعطى مسلما فقيرا لقوت يوم الفطر. انتهى. أما الحد المصدري فيناسب الإعطاء؛ لأنه مصدر، وإنما احتاج إلى ذكر رسمين لأن الزكاة الشرعية تطلق على أمرين؛ على الشيء المخرج، وعلى الإخراج. وقوله: مسلم، أصله مفعول فأُضيف إليه المصدر اختصارا، وقوله: لقوت، يظهر أن اللام لام علة للإعطاء ليخرج به إذا أعطى لغير قوت يوم الفطر، وإنما كان كذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: (أغنوهم عن سؤال ذلك اليوم (?)). وقوله: صاعا، هو المفعول الثاني للمصدر، أعني قوله: إعطاء، وقوله: من غالب، صفة للصاع. وقوله: أو جزؤه، معطوف على الصاع المفعول، ليدخل في الحد صورة الشركة في العبد إذا كان لرجل فيه نصف ولآخر ثلث ولآخر سدس، فمذهب المدونة أن الزكاة فيه واجبة على الحصص، والضمير في جزئه يعود على الصاع والمسمى صفة لجزئه وللجزء متعلق بالمسمى، ومعنى المسمى المنسوب والمقصور صفة لقوله: للجزء، جرت على غير من هي له، ووجوبه نائب فاعل المقصور، والضمير في قوله وجوبه عائد على جزئه الموصوف بالمسمى، وضمير عليه عائد على الجزء المجرور باللام، والضمير في جزئه عائد على الصاع، وقوله: للجزء المراد به جزء الرقيق، فالجزء الأول مخرج، والجزء الثاني مخرج عنه؛ أي أن زكاة الفطر مصدرا إما إعطاء صاع فقط أو إعطاء جزئه المسمى للجزء الذي قصر وجوب الجزء المسمى عليه، فلو كان المالك للعبد ثلاثة، فالجزء المسمى ثلث من صاع، ولو قال: الموافق للجزء المخرج عنه لكان أوضح، ولو أطلق في قوله أو جزءَه لكان أحسن ليشمل ما إذا لم يقدر إلا على بعض صاع عن