والصواب أن الشرطين إنما هما في الغائب فقالا في الحاضر مع المسافر. والله سبحانه أعلم. قاله محمد بن الحسن، وما قاله عبد الباقي نحوه للشبراخيتي والأمير.

ولما أنهى الكلام على زكاة الأموال، أتبعه بالكلام على زكاة الأبدان، وهي زكاة الفطر، واختلف في وجه إضافتها للفطر، فقيل: من الفطرة وهي الخلقة لتعلقها بالأبدان، وقيل: لوجوبها بالفطر، فقيل: الفطر الجائز عقب الغروب من آخر يوم من رمضان، وقيل: الواجب بفجر يوم العيد، أشار إلى ذلك ابن العربي، وينبني عليه الخلاف الآتي في قوله: وهل بأول ليلة العيد أو بفجره خلاف؟ وفي الحديث: صوم رمضان معلق بين السماء والأرض حتى يؤدي زكاة الفطر، وحكمة مشروعيتها الرفق بالفقراء في إغنائهم عن السؤال، وقد مر أنه لا يقاتل من منع زكاة الفطر، ومر أيضا أن من منع فريضة عجز المسلمون عن أخذها منه وجب جهاده، وهو يفيد أنه يقاتل عليها من امتنع من أدائها ولم يقدر على أخذها منه إلا بالقتال، وإنما قدم المصنف زكاة الأموال على زكاة الفطر، وإن كان متعلقها أشرف من متعلق زكاة الأموال وهو الأبدان فإنها أشرف من الأموال؛ لأن زكاة الأموال دعامة من دعائم الإسلام مجمع على وجوبها، وأما هذه فقد اختلف في وجوبها وسنيتها، والمشهور الوجوب، وإليه أشار بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015