الزلاقة قرب بطليوس، قال ابن خلكان: روي أن يوسف حينئذ طلب من أهل البلاد المعونة على ما هو بصدده، فوصل كتابه في ذلك إلى المرية، وذكر فيه أن جماعة قد أفتوه بطلب ذلك اقتداء بعمر رضي الله عنه، فقال أهل المرية لقاضي بلدهم وهو أبو عبد الله بن البراء، وكان من أهل الدين والورع على ما يجب: لا بد أن تكتب جوابه، فكتب إليه: أما بعد ما ذكره أمير المؤمنين في اقتضاء المعونة، وأن أبا الوليد الباجي وجماعة القضاة بالعدوة والأندلس بأن أفتوه بأن عمر رضي الله عنه اقتضاها، وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وضجيعه في قبره، ولا شك في عدله فليس أمير المسلمين ممن لا يشك في عدله، فإن كان الفقهاء والقضاة أنزلوك منزلته من العدل فالله سائلهم عما تقلدوه فيها، وما اقتضاها عمر رضي الله عنه حتى حلف في المسجد أن ليس عنده درهم واحد من بيت مال المسلمين، فلتدخل أنت المسجد الجامع وتحلف بحضرة أهل العلم وحينئذ تستوجب ذلك. انتهى.

ومفهوم قوله للإمام العدل أن الإمام إذا كان جائرا في صرفها لم يجز دفعها له طوعا، بل يجب الهروب بها أو إخفاؤها، ولو طلبها الإمام العدل فادعى إخراجها لم يصدق. قاله مالك. وابن القاسم. وقال أشهب: يصدق؛ أي إن كان صالحا. قوله: "ودفعت للإمام العدل". ابن عرفة: فيها إن غلبوا على بلد وأخذوا زكاة الناس والجزية أجزأتهم. الصقلي: روى محمد: والمُتَغَلِّبُونَ كالخوارج. ابن عبدوس عن أشهب: إن طاع بدفعها لخارجي أجزأته، التونسي: إن طاع بدفعها لوال جائر لا يضعها موضعها لم تجزه. قاله الخطاب.

وقد مر قول المصنف: أو طاع بدفعها لجائر في صرفها، وفي الخرشي: وإذا عدل الإمام فلا يسع أحدا تفرقة زكاته دونه، وليدفع إليه زكاة العين وغيرها، وأما من لم يعدل فإن قدر أن يخفي عليه زكاة الماشية والحب فعل إن لم يحلفه، فإن لم يقدر فلا يحلف وليجتز بما أخذ، ويخرج ما فضل عنده. انتهى. وقال ابن الحاجب: وإذا كان الإمام جائرا فيها لم يجزه دفعها إليه طوعا، فإن أجبره أجزأته على المشهور وكذا الخوارج، وقال ابن رشد عن سحنون في ذي أربعين شاة تحت كل أمير عشرة بالأندلس وإفريقية ومصر والعراق: إن كانوا عدولا أخبرهم وأتى كلا منهم بشاة لكل أمير ربعها، فإن أخذه كل منهم بربع قيمتها أجزأه. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015