وتؤخذ من الممتنع من أدائها كرها وإن بقتال، سواء كان امتناعه منها عنادا أو تأويلا كما مر، لقول الصديق رضي الله عنه: والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، قال في التيسير: والعقال حبل معروف، وقيل صدقة عام، ولاختلاف الرواية أعدت هذا الأثر. والله سبحانه أعلم. سند: وإن لم يظهر للممتنع مال وهو معروف بالمال فللإمام سجنه حتى يظهر ماله؛ لأنه من حق الفقراء والإمام ناظر فيه، وإن ظهر له بعض المال واتهم بإخفاء غيره فظاهر المذهب لا يحلف. مالك: أخطأ من يحلف الناس من السعاة، وليصدقوا بغير يمين. وقوله: "وإن بقتال"؛ أي ولا يقصد قتله، فإن قتل فهدر. قاله الشيخ الأمير. وقال الشيخ عبد الباقي: والظاهر أنه إن قَتَلَ أو قُتِلَ فحكمه كالباغية لصدق حدها عليه. انتهى. ودفعت للإمام العدل؛ يعني أن الزكاة يجب دفعها للإمام العدل حيث كانت ماشية أو حرثا، بل وإن كانت عينا؛ يعني أنه لا فرق في وجوب دفع الزكاة للإمام العدل بين أن تكون عينا وبين أن تكون غير عين، وهذا هو مذهب المدونة، وقيل: يخرج العين ربها، وهذا إذا لم يطلبها الإمام، فإن طلبها لم يحل منعها. قاله الشيخ إبراهيم وغيره. وقوله: "للإمام العدل"، هو ظاهر إذا كان عدلا في صرفها وغيره، وأما إذا كان عدلا في صرفها جائرا في غيره فلا يجب دفعها له، خلاف ما تقتضية عبارة الشيخ عبد الباقي، بل يكره دفعها له حينئذ كما في الخطاب والتوضيح، ونصه: وأما إن كان جوره في أخذها لا تفرقتها -بمعنى أنه يأخذ أكثر من الواجب- فينبغي أن يجزئه ذلك على كراهة دفعها إليه. قاله محمد بن الحسن. وقوله: "للإمام العدل"، أراد به المحقق عدالته، ولا يجوز الإفتاء بأن الإمام يأخذ الزكاة حيث شك في عدالته، كما يفيده كلام الأبياري، فإنه أفتى حين طلب الإمام المعونة من الرعية أنه لا سبيل لذلك؛ لأن عدالته مشكوك فيها، والمفتون بأن عمر قد اقتضاها يبعثون من قبورهم في النار بلا زبانية. انتهى. أي لأنه لم يصل إليه أحد في العدالة، ولإيهام أن المشكوك في عدالته عدل. قاله عبد الباقي.
قوله: فإنه أفتى حين طلب الإمام المعونة لخ، قال محمد بن الحسن: مثل هذا وقع لسلطان المغرب يوسف ابن تاشفين حين مر إلى الأندلس بقصد غزو الإفرنج، فقاتلهم في موضع يسمى