وبقيت هي فإنها لا يسقط عنه وجوب إنفاذها، بل يجب عليه إنفاذها لمستحقها، ولا يمسكها لأجل تلف المزكى تلف بتقصير أم لا، أمكن أداء الزكاة منه قبل ضياعه أم لا، وأما لو عزلها قبل الحول وتلف الأصل أو ضاع فإنه لا يلزمه إنفاذها، ثم صرح بمفهوم قوله: "ولم يمكن الأداء"، فقال: وضمن إن أخرها عن الحول؛ يعني أن الشخص إذا وجبت عليه الزكاة بمرور الحول وأخر إخراجها بعد الحول فتلف المال مع إمكان أداء الزكاة، فإنه يضمن زكاة ماله، وتصير حينئذ دينا في ذمته يجب قضاؤه.
قال عبد الباقي، والخرشي عند قوله "وضمن إن أخرها عن الحول": أياما، ومقتضاه أن من أخرها يومين لا ضمان عليه، وصرح بذلك الأجهوري، فقال: وضمن إن أخرها أياما لا فيما إذا أخرها أقل من ذلك. انتهى. وقال الخرشي وعبد الباقي والشبراخيتي: فإن أخرها يوما ونحوه لم يضمن. انتهى. وقد تقدم أنه إذا لم يمكن الأداء بعد الحول لا ضمان عليه إلا أن يقصر في حفظ المال حتى تلف فإنه حينئذ يضمن الزكاة ولو مع عدم إمكان الأداء، وقال في المعلم: وللإمام تأخير الزكاة إلى الحول الثاني إن أداه اجتهاده إليه. قاله في أوائل الزكاة في حديث العباس رضي الله عنه. انتهى. نقله الخطاب.
وقوله: "وضمن إن أخرها عن الحول"؛ أي مع إمكان الأداء كما علمت، فإن لم يمكن الأداء لم يضمن إلا أن يقصر في حفظها، فيضمن ولو بتأخير يوم ونحوه، أمكن الأداء أم لا. قاله عبد الباقي. وقوله: "وضمن إن أخرها عن الحول"، يجري في الحرث والماشية حيث لا ساعي، وفي العين وما بعده في الحرث فقط. قاله عبد الباقي. وقوله: "وضمن إن أخرها عن الحول"، قال الشارح: يريد مفرطا في التأخير، وقاله في آخر زكاة الفطر من المدونة. وزعم ابن رشد أن المشهور إذا ضاعت بغير تفريط لا شيء عليه، وهو مخالف لا في المدونة. انتهى. والله سبحانه أعلم.
وقال الخرشي بعد جلب كلام: فتلخص من هذا أنه إذا تلف جزء النصاب بعد الحول أو تلف ما عزله من الزكاة بعد الحول وما في حكمه، فإن كان بتفريط في حفظها ضمن مطلقا، وإن كان تأخيرها مع إمكان الأداء ضمن أيضا فيما إذا أخرها أياما، لا فيما إذا أخرها أقل من ذلك. انتهى.