المذهب؛ لأنها زكاة وقعت موقعها، وذلك الوقت في حكم وقت وجوبها، وعند المخالف لا يقع ذلك موقع الزكاة بنفسه، بل يقف على مراعاة شرائط الأداء عند انفلات الحول، ثم قال: واختلفوا إذا تغيرت أحوال رب المال قبل الحول فمات أو ارتد أو تلف ماله، هل له أن يسترد ما دفع، فقال أبو حنيفة: إن كان ذلك قائما بيد الإمام استرجعه، وإن وصل إلى الفقراء لم يكن له إليه سبيل، وقال الشافعي وابن حنبل: له استرجاعه بكل حال وهذا إذا بين عند الدفع أنها زكاة معجلة، ثم قال: ولو تغير حال الفقير عند الحول فارتد أو مات أو استغنى بغير الزكاة، فقال أبو حنيفة: قد وقعت موقعها ولا تسترد منه وهو وَفْقُ مذهب ابن القاسم في العتبية، ثم ذكر مذهب الشافعي وابن حنبل وفيه تفصيل، فليراجعه من أراده.
وقال ابن العربي في عارضته: فإن قدمها لشخص فقير ثم استغنى عند الحول، فإن كان غناه من الزكاة فَلَا كَلَامَ في الإجزاء، وإن كان بغيرها فيتخرج فيها القولان فيما إذا أعطى لشخص ظنه فقيرا فتبين غنيا، قال ابن القاسم في الأسدية: تجزئه، وقال في المدونة: لا تجزئه. انتهى.
قلت الجاري على قول صاحب الطراز إنها زكاة أنه لا ينظر إلى تغير الأحوال، والجاري على ما قاله ابن رشد أنه ينظر إلى تغير حال المال وربه والفقير، وقد جزم في الجواهر بأنه إذا قدمها قبل الحول ثم تلف المال أنه يستردها، ونصه: ولو عجل الزكاة قبل الحول بالمدة الجائزة على الخلاف فيها لخ، وقوله: "فإن ضاع المقدم"، فعن الباقي قد علمت أن المصنف مشى فيه على مذهب ابن رشد، ومذهب ابن رشد في ذلك أنها لا تجزئه إذا ضاعت قبل الوصول للرسول ولو قدمها بيسير، قال: كذا يأتي عندي على جميع الأقوال المتقدمة وإنما تجزئه إذا أخرجها قبل الحول ونفذها، لا فيما إذا ضاعت ولم تصل إلى أهلها ولا بلغت محلها.
وإن تلف جزء نصاب ولم يمكن الأداء سقطت؛ يعني أن الشخص إذا كان عنده نصاب حال عليه الحول وتلف جزؤه أي بعضه -والحال أنه لم يمكنه الأداء أي إخراج زكاته- سقطت عنه الزكاة؛ لأنه لما لم يمكنه الأداء كان كما لو تلف قبل الحول: قوله: "جزء نصاب"، وكذا لو تلف كله. والحامل: أن ما تلف بعد الحول بغير تفريط ولا إمكان أداء تسقط زكاته لأنه في حكم ما تلف قبل الحول، ومثلوا لعدم إمكان الأداء بعدم المستحق وبعدم إمكان الوصول إليه، وبغيبة