صلى الله عليه وسلم في تعجيل الزكاة قبل أن يحول الحول مسارعة إلى الخير فأذن له في ذلك. فإن ضاع القدم فعن الباقي؛ يعني أن الشخص إذا قدم زكاته أي أخرجها قبل الحول، فضاعت قبل أن تصل إلى المساكين -مثلا- فإنه يزكي عن الباقي؛ أي يخرج زكاة ما حال عليه الحول من ماله إن كان فيه نصاب، ولا يزكي عما أخرجه في الزكاة، وظاهر المصنف سواء قدمها بكثير بحيث لا يجزئ إخراجها، أو بيسير بحيث يجزئ إخراجها لو وصلت لمستحقها، وظاهره أيضا يشمل التقديم الواجب وغيره، وحينئذ فأقسام تقديمها قبل الحول ثلاثة: أحدها: أن يقدمها قبل الحول بكثير فلا إشكال في عدم إجزائها، ضاعت قبل الوصول لمستحقها أو بعد الوصول إليه، ثانيها: أن يقدمها فتضيع قبل الوصول للمستحق، وقد كان قدمها في الزمن الذي لو وصلت فيه للمستحق لأجزأت، وهذا ظاهر المصنف أنها لا تجزئ، وهو الذي جزم به ابن رشد وذكره القاضي عياض عنه في التنبيهات، وقال ابن المواز: تجزئه ولا يضمنها، وذكر في الطراز أنه مقتضى المذهب، قال: لأنها زكاة وقعت موقعها، وذلك الوقت في حكم وقت وجوبها. انتهى. نقله الخطاب. قال الحطاب: وظاهر المذهب أن الزمن اليسير هنا يجري على الخلاف السابق فيه، وقيده ابن المواز باليومين والثلاثة. قاله محمد بن الحسن. ومفهوم قوله: "فإن ضاع المقدم"، أنه لو أخرجها بعد الحول وضاعت من يد الرسول قبل وصولها للمستحق لأجزأت، أما على قول ابن المواز من إجزائها حيث قدمت بالزمن اليسير فلا إشكال في ذلك وهو بين ظاهر؛ لأن قوله: وذلك الوقت في حكم وجوبها صريح أو كالصريح في أنه إذا أخرجها بعد الوجوب وأرسلها لمستحقها فضاعت قبل أن تصل إلى مستحقها فإنها تجزئه ولا ضمان عليه، وأما على ما جزم به ابن رشد وهو ظاهر المصنف فمقتضاه أنها تجزئه ولا ضمان عليه. والله سبحانه أعلم. قاله جامعه عفا الله عنه. ثالثها: التقديم الواجب وهو المشار إليه بقول المصنف: "وقدم ليصل عند الحول"، ولا شك أنها إذا قدمت هذا التقديم الواجب تجزئ إذا ضاعت من يد الرسول قبل الوصول للمستحق، فلا يشمله كلام المصنف لأنها إذا قدمت قبل الحول لتصل عند الحول فضاعت قبل وصولها للمستحق فإنما فعل واجبا فتجزئه، وأما حمل المصنف على ما يشمل التقديم الواجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015