وقوله: "أو دفعت باجتهاد" لخ؛ أي هذا في المزكي نفسه، وأما الولي فتجزئ حيث تعذر ردها ولا ضمان عليه، قال ابن رشد: وأما الذي زكى مال يتيمه ثم انكشف أنه أعطاها غنيا وهو يظنه فقيرا، فلم يكن عليه أكثر مما صنع لأن الذي تعبد به إنما هو الاجتهاد في ذلك، ألا ترى أن من أهل العلم من يقول إنه: إذا أعطى زكاته لغني وهو لا يعلم أجزأته زكاته، ولا خلاف في أنه يجب أن ترد من عنده إذا علم به وقدر عليه. انتهى. قاله الخطاب. ويأتي الكلام عليه قريبا إن شاء الله. إلا الإمام؛ يعني أن الإمام إذا دفع الزكاة باجتهاده لمن يظنه فقيرا -مثلا- ثم تبين خلاف اجتهاده، فإن الزكاة تجزئ عن ربها، فلا يطالب بإخراجها ثانية لأنه حكم لا يتعقب، وأما الوصى ومقدم القاضي يدفعانها باجتهاد لغير مستحق، فإن تعذر ردها أجزأت، وإلا فلا. قال عبد الباقي: ونحوه للخرشي الأقسام ثلاثة: المزكي لا تجزئه تعذر ردها أم لا، والإمام تجزئ مطلقا، ومقدم القاضي والوصي فيهما التفصيل؛ إن تعذر ردها أجزأت، وإلا فلا. انتهى. وقولهما: إن الإمام تجزئ ولو لم يتعذر ردها، قال محمد بن الحسن: فيه نظر، بل في كلام ابن عرفة والتوضيح وغيرهما أنها تنزع ممن دفعها له الحاكم إق أمكن وهو ظاهر؛ إذ كيف تكون الزكاة بيد الأغنياء ولا تنزع من أيديهم، ويدل على ذلك ما في المواق عن اللخمي وهو ظاهر المصنف. وقوله: "وتعذر ردها"، هذا الذي ذكره المصنف هو المشهور، وقيل: تجزئ بناء على أن المطلوب الاجتهاد وقد حصل.

وقال الشارح عند قوله: "أو دفعت باجتهاد لغير مستحق وتعذر ردها"؛ أي فلا يجزئه إذا دفعها لغني أو لعبد أو كافر، وتعذر أخذها منهم وإن اجتهد في دفعها وهو المشهور، وقيل: يجزئ بناء على أن الواجب عليه الاجتهاد وقد حصل، أو الإصابة ولم تحصل، وقيل: لا يجزئ في العبد والكافر، ويجزئ في الغني؛ لأن حاله يخفى غالبا. ابن رشد: وهذا إذا دفعها لهؤلاء أربابها، وأما إذا دفعها لهم الإمام فإنها تجزئ ولا غرم عليهم ولا على ربها؛ لأنه محل الاجتهاد واجتهاده نافذ. وقد علمت أن الوصي ومقدم القاضي كذلك، وقوله: "باجتهاد"، فهم من كلامهم أنه لو دفعها بغير اجتهاد لكان متعديا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015