قول خير من بقائها بذمته على كل قول، وظاهر المصنف عدم إجزاء فاقد النية ولو نسيانا أو جهلا، ونقل الشيخ كريم الدين الإجزاء فيمن نسي النية أو جهلها؛ وهو خلاف ظاهر المصنف. انتهى كلام عبد الباقي. ونحوه للشبراخيتي إلا أنه جزم بأنه إذا علم من الشخص أنه لا يخرج الزكاة وليس ثم حاكم يكرهه على إخراجها، فإنه تجوز السرقة منه بقدر ما عليه، ولم يقل: ينبغي، قال: لأن براءة ذمته على قول خير من بقائها في ذمته على كل قول، وقال الشبراخيتي: قال القرافي: فإذا أخرجها أحد من غير علم من هي عليه وغير إذنه، فمقتضى قول أصحابنا في إجزاء الأضحية بذبحِها صديقُ ربها، ومن شأنه أن يفعل ذلك بغير إذنه، أن الزكاة من هذا القبيل. انتهى. قال شيخنا في شرحه: قلت فيجري في الزكاة ما جرى من التفصيل في الأضحية المشار إليه بقول المصنف: "أو بعادة كقريب وإلا فتردد". انتهى.
وقوله: "ووجب نيتها" اعلم أن وجوب النية في الزكاة هو المشهور، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وقال ابن بشير: إن قلنا: إن الفقراء شركاء بمقدار الزكاة، وأنها تكون كرد الوديعة فلا تفتقر إلى نية، وإن غلبنا عليها حكم العبادة افتقرت إلى النية. انتهى. وقال الشارح عند قوله: "ووجب نيتها": لأنها عبادة متنوعة إلى فرض ونفل، وحكم إيجاب النية التمييز بين مراتب العبادات أو بين العادات والعبادات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، وقيل لا تفتقر إلى النية.
ويتحصل من كلام القرافي: أنها على القول بوجوب النية فيها يجري فيها ما يأتي في الضحية من قوله: "أو بعادة كقريب وإلا فتردد"، فإن لم يكن الفاعل لها عن ربها من هذا القبيل، فإنها لا تجزئ عن ربها لافتقارها لنية على الصحيح من المذهب لأجل شائبة العبادة، وعلى القول بعدم اشتراط النية فيها فينبغي أن يجزئ فعل الغير مطلقا، كالدين والوديعة ونحوهما، قال القرافي: وهذا القول قاله بعض أصحابنا وقاسها على الديون، وباشتراطها قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم: لما فيها من شائبة التعبد من جهة مقاديرها في نُصُيهَا ونحو ذلك، ولا يقال في كلام القرافي، الفرق بين الأضحية والزكاة أن الأضحية تعينت لأن المشهور أنها لا تتعين إلا بالنذر والذبح، فتأمله. والله أعلم. قاله الحطاب.