واعلم أنه ينبغي للشخص أن يختار لصدقته أهل الفضل والصلاح؛ لأن سد خلتهم أولى من سد خلة غيرهم،

وبما قررت علم أن الضمير المجرور باللام للنائب، وأن الضمير في قريبه لرب المال، وقوله "حينئذ"؛ أي حين الاستنابة، والظرف متعلق بكره، وقد مر عن ابن القاسم على نقل محمد بن الحسن عن التوضيح والمواق أنه: يكره لرب المال إعطاء زكاته لقريبه الذي لا تلزمه نفقته، قال بعض: إنما كره إعطاء قرابته خوفا من أن يحرمهم صلة القرابة اتكالا لهم على الزكاة، قال مطرف: وحضرت مالكا يعطي زكاته قرابته. وفي شرح الشيخ ميارة أنه يعطيهم لكن يستحب أن لا يباشر ربها إعطاءهَا لَهُمْ. انتهى. وقال الشبراخيتي: وسئل ابن رشد عمن يخص قرابته بزكاته، فأجاب: إن فعل أجزأه، وإن وجد أحوج منهم فالاختيار أن لا يخصهم، وقال أبو الطيب: إعطاء القرابة أولى ممن يساويهم في الفقر. انتهى. وقال ابن الحاجب: فإن كانوا قرابة لا تلزمه نفقتهم وليسوا في عياله، فثلاثة الجواز والكراهة والاستحباب، قال في التوضيح، الكراهة للمدونة، قال فيها: وأما من لا تلزمه نفقته من قرابته فلا يعجبني أن يلي هو إعطاءهم، ولا بأس أن يعطيهم من يلي تفرقتها بغير أمره، كما يعطي غيرهم، وإن كانوا لها أهلا، قال اللخمي: فكرهه فيها خوفا أن يحمد عليها، والإباحة رواها مطرف عنه في كتاب ابن حبيب، قال: لا بأس بذلك، وحضرت لمالك يعطي زكاته قرابته، والاستحباب رواه الواقدي عن مالك، قال مالك: أفضل من وضعت فيه زكاتك قرابتك الذين لا تعول. وذكر المازري أنها: صدقة وصلة. الباجي: ولم يختلف قول مالك في الجواز إذا ولى غيره إخراج زكاته. انتهى.

وهل يمنع إعطاء زوجة زوجا أو يكره؟ يعني أن الشيوخ اختلفوا في قول المدونة، وقال ابن القاسم: ولا تعطي المرأة زوجها من زكاتها، هل هو محمول على المنع، وإليه ذهب اللخمي؟ أو الكراهة، وإلى هذا التأويل ذهب ابن القصار وبعض أشياخه؟ وقوله: تأويلان، مبتدأ حذف خبره؛ أي في ذلك تأويلان، تأويل المنع للخمي -كما عرفت- وتأويل الكراهة لابن القصار وبعض أشياخه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015