وإن كانا غنيين بموضعهما ومعهما ما يكفيهما، ولا أحب أن يقبلا ذلك، فإن قبلا فلا بأس، قال أصبغ: أما الغازي فلا بأس أن يعطى وإن كان مليا وهو له فرض، وأما ابن السبيل فلا يعطى إذا كان معه ما يكفيه لأنه حينئذ لا يعد من أبناء السبيل، قال ابن القاسم: وابن السبيل هو الذي في غير بلده، وقد فرغت نفقته، وليس معه ما يتحمل به إلى بلده، وإن كان في غير غزو ولا تجارة فهو ابن السبيل كائنا مَّا (?) كان من المسلمين. انتهى. قاله الخطاب.
وصدق؛ يعني أن من ادعى أنه ابن السبيل ليعطى من الزكاة يصدق في ذلك؛ أي يصدق في أنه غريب ويعطى من الزكاة، وظاهره أنه يصدق بغير يمين. قاله غير واحد. وإن جلس نزعت منه؛ يعني أن الغريب المحتاج لا يوصله لبلده إذا وهبت له الزكاة وجلس ولم يسافر، فإنها تنزع منه إن كانت باقية، كما يشعر به تعبيره به بنزعت، فإن ذهبت لم يرجع عليه بها، ولكن مقتضى التعليل بأنه أخذها لشيء ولم يحصل اتباعه بها دينا عليه، ويجري مثل ذلك في قوله: "كغاز"، وفهم من قوله: "وإن جلس نزعت منه"، أنه معه شيء ينفقه، وأما إذا لم يكن معه شيء ينفقه فإنه فقير، فلا ينزع منه ما يستحقه بوصف الفقر. قاله اللخمي. وقال أيضا: من أخذ زكاة لفقره لم يردها إن استغنى قبل إنفاقها. قاله الخطاب وقوله: "وإن جلس نزعت منه"، قال الشبراخيتي: إلا أن يسوغ له الأخذ من الزكاة لأجل الفقر، وقال الأجهوري: وإن كان محتاجا لا ينفقه فإنه يعطى بوصف الفقر، وسيأتي عند قول المصنف "وتفرقتها بموضع الوجوب أو قربه"، التصريح بأن ابن السبيل إذا كان فقيرا يعطى من الزكاة ويكون من فقراء البلد، وليس ذلك من نقل الزكاة، والسفر لأجل الزكاة سفر معصية على ما نص عليه العلماء، ولا تجزئ دافعها إن علم. نقله ابن عبد الصادق عن الأخضري الكبير. والله سبحانه أعلم.
كغاز؛ يعني أن الغازي إذا دفعت له الزكاة، ثم إنه جلس ولم يغز فإنها تنزع منه. الشبراخيتي: وتعبيره في ابن السبيل بنزعت يقتضي أنها باقية، فلو ذهبت لم يرجع عليه بها، وهذا بخلاف الغازي فإنها تنزع منه إذا كانت موجودة، وتكون عليه إن تلفت؛ لأن الغزو في معنى المعاوضة.