معه ما يوصله إلى بلده لم يعط منها حيث كان غنيا ببلده، وإلا فسيأتي الكلام عليه قريبا إن شاء الله تعالى، ثانيها أشار إليه بقوله: في غير معصية؛ يعني أنه يشترط في إعطاء الزكاة للغريب أن يكون قد تغرب في غير معصية، فلا يعطى مسافر لمعصية، كقتل إنسان ظلما، وهتك حرمة لا فيه من إعانة على الفساد.
وبما قررت علم أن متعلق قوله: "يوصله"، محذوف تقديره، لبلده، وأن قوله: "في غير معصية"، متعلق بقوله: "وغريب"، وقد مر أنه إذا تغرب في معصية لا يعطى من الزكاة، قال عبد الباقي: ولو خيف عليه الموت في بقائه إلا أن يتوب فيعطى منها، ولو لم يخف عليه الموت بعد التوبة كما استظهره بعض أشياخ علي الأجهوري، وهذا كله حكم العاصي بسفره، وأما العاصي فيه فلا ينبغي أن يمنع إعطاؤه كما في التيمم والقصر، وظاهر قوله: "محتاج لما يوصله"، أنه غير محتاج لا ينفقه؛ وهو كذلك، فإن احتاج لما ينفقه أعطي أيضا، وانظر هل مطلقا أو يجري فيه قوله: ولم يجد مسلفا؟ انتهى قوله: ولو خيف عليه الموت في بقائه، قال محمد بن الحسن: فيه نظر لقول اللخمي: لو كان في سفر معصية لم يعط إلا أن يتوب أو يخاف موته. نقله ابن عرفة.
وتقدم للزرقاني عنه مثله فيمن تداين لفساد، لكن نقل أبو علي عن التبصرة ما يفيد تفصيلا، ونصها: ولا يعطى منها ابن السبيل إن خرج في معصية وإن خشي عليه الموت نظر في تلك المعصية، فإن كان يريد قتل نفس أو انتهاك حرمة لم يعط، ولا يعطى منها ابن السبيل ما يستعين به على الرجوع إلا أن يكون قد تاب، أو يخاف عليه الموت في بقائه إن لم يعط. ففصل بين المسير والرجوع وهو ظاهر. انتهى. وقوله: "وغريب"؛ أي ولا بد أن يكون حرا مسلما غير هاشمي. وقوله: "محتاج لما يوصله في غير معصية"، هذان الشرطان وجوديان، وثالث الشروط عدمي، وإليه أشار بقوله: ولم يجد مسلفا وهو ملي ببلده؛ يعني أن ابن السبيل إنما تعطى له الزكاة حيث لم يجد مسلفا، أو وجد من يسلفه ما يوصله لبلده لكنه معسر في موضعه، وأما إن وجد من يسلفه ما يوصله لبلده وهو ملي في بلده فلا تعطى له الزكاة، فالصور ثلاث، فالمنطوق صورتان، والمفهوم صورة واحدة، وقال أصبغ عن ابن القاسم: يعطى منها الغازي وابن السبيل