يكون هاشميا، وبهذا التفسير فسره الخرشي، فقال: وهو شخص يرسله الإمام ليطلع على عورات العدو ويعلم حالهم، ثم يعلمنا بذلك لنكون على بصيرة؛ وهو من قولهم: جسست الخبر وتجسسته فحصت عنه، ثم إن الجاسوس يعطى من الزكاة ولو كافرا، ووقع في عبارة غير واحد أن الجاسوس يعطى من الزكاة ولو هاشميا كافرا؛ لأن الكفر منع حرمته فيعطى أوساخ الناس، بخلافه إن كان جاسوسا مسلما، فيشترط أن لا يكون هاشميا. انتهى. قال محمد بن الحسن: وهو غير صحيح؛ إذ لا يتصور ذلك إلا مرتدا وهو لا يقر على ردته.
لا سور؛ يعني أن الزكاة لا تصرف في السور المتحفظ به من الكفار، فلا يبنى منها وهذا هو المشهور، وقال محمد بن عبد الحكم: تبنى منها حصون المسلمين. انتهى. والسور هو البناء المحيط بالقرية، وهو من أعظم الحصون، ولا يطمع العدو في القرية بحسب العادة ما دام سورها حصينا، وحكى ابن الحاجب في السور قولين، قال في التوضيح: والمشهور المنع، وقد علمت أن مقابل المشهور قول ابن عبد الحكم.
ومركب؛ يعني أن الزكاة لا تصرف في عمل مركب يركب فيه المسلمون ويقاتلون فيه الكفار، وهذا هو المشهور، وقال محمد بن عبد الحكم: يعمل منها -أي الزكاة- المركب للغزو، ويدفع منها أجر النواتية. قاله الشارح. وإنما لم تصرف الزكاة في السور، وإن كانت القرية لا يطمع فيها العدو حيث لم يختل سورها وفي المركب للغزو لأن منفعتهما أعم مما هو المقصود الآن. قاله الشبراخيتي. ولا تصرف الزكاة في عمارة المساجد وبناء القناطر وتكفين الموتى، وما تقدم من أن قول ابن عبد الحكم تبنى منها حصون المسلمين، ويعمل منها المركب في الغزو، ويدفع منها أجر النواتية مقابل للمشهور هو الذي قاله الشارح، ومثله للمصنف في التوضيح.
وقال محمد بن الحسن: إن قول ابن عبد الحكم لم ينقل اللخمي غيره، واستظهره في التوضيح، وقال ابن عبد السلام: هو الصحيح، ولذا اعترض المواق المصنف وقال: إنه لم ير المنع لمن قبل ابن بشير فضلا عن تشهيره. وأشار إلى المصنف الثامن بقوله: وغريب محتاج لما يوصله؛ يعني أن الغريب -أي الذي تغرب عن وطنه- من المستحقين للزكاة، وهو المراد بقوله تعالى: {وابن السبيل}، فتعطى له الزكاة بشروط ثلاثة: أحدها أن يكون محتاجا لما يوصله إلى بلده، فلو كان