قوله عز وجل {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} الجفنة الواحدة منها يجتمع عليها ألف رجل يأكلون منها، وقوله عز وجل: {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}: ثابتات لها قوائم لا تتحرك عن أماكنها، تتخذ من الجبال باليمن, يصعد إليها بالسلاليم. ومفرق؛ يعني أن المفرق للزكاة من الذين يعطون الزكاة، والمفرق للزكاة هو القاسم لها على أهلها ممن تعطى لهم الزكاة، والجابي والمفرق هما المشار إليهما، بقوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}، وهم السعاة المتقدمون في قول المصنف، وخرج الساعي، وقوله: "ومفرق" مرفوع معطوف على فقير.
وقوله: "وجاب": مثل الجابي في إعطاء الزكاة الكاتب وهو الذي يضبط الزكاة بالكتابة، والحاشر وهو الذي يجمع أرباب الأموال لأخذ ما عليهم، ولا يرد على الحاشر ما تقدم من أن السعاة عليهم أن يأتوا أرباب الماشية على مياههم، ولا يقعدون في قرية ويبعثون إليهم لأنه هنا يحمل على الذي يجمعهم من مواضعهم في قريتهم إلى الساعي بعد أن يأتيهم إليها، ولا يعطى منها راع أي الذي يرعاها، ولا ساق أي الذي يسقيها فهو اسم فاعل من السقي، ونحوه للتوضيح والشارح، وروي عن مالك أن العاملين هم سقاتها ورعاتها، ولا يعطى منها -أي من الزكاة- حارسها، وعبارة الأمير: وعامل إلا راعيا وساقيا وحارسا؛ لأنهم لا عمل لهم في جبايتها، بل أجرتهم من بيت المال، ولا مفهوم لحارس في الأصل. انتهى. ولعل الفرق أن شأن الزكاة الاحتياج إلى الأربعة الأول بخلاف الثلاثة الأخيرة لكونها تفرق غالبا عند أخذها، والمراد بالأربعة الأول: الجابي والمفرق والمكاتب والحاشر، وبالثلاثة الأخيرة: الراعي والساقي والحارس.
وفي الحطاب عن الشامل أن: الحارس كالكاتب والقاسم، وروى أبو داود والترمذي عن رافع بن خديج رضي الله عنه: (العامل على الصدقة كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته (?))، ولا يعطى من الزكاة المفتي والقاضي والعالم؛ لأنهم يعطون من بيت المال، قال عبد الباقي: ولذا إن لم يعطوا منه أعطوا منها. انتهى.
وقال الشبراخيتي: وأما الفقيه والمفتي والقاضي فرزقهم من بيت المال، فإن لم يكن أو كان ولم يعطوا أعطوا منها. انتهى. ونحوه للخرشي، قال محمد بن الحسن: ظاهر هذا أنهم حينئذ