خبره في جواز؛ أي في الجواز والمنع رأي ابن عبد السلام، وكلام الباجي، فهو من تردد المتأخرين في الحكم لعدم نص المتقدمين.
قال محمد بن الحسن: الظاهر من كلامهم أنه لا فرق بين أن يأخذها من حينه أم لا، ولم أر من شرط التراخي. قاله مصطفى. فَقَوْلُ من قال: عبر بثم المقتضية للتراخي يرشد إلى أنه لو لم يكن تراخ بأن أخذها عقب دفعها لا يكون الحكم كذلك غير ظاهر، وقوله: "تردد"، محله أي التردد حيث لم يتواطآ على ذلك وإلا منع قطعا, كما جزم به ابن عرفة واستظهره في التوضيح، وفهم من كلام المصنف أنها تجزئ إن أخذ غيرها أو دفعها ولم يأخذ شيئا، أو أخذ دينه ثم دفعها. كما قاله الأجهوري. وقال ابن عرفة: الأظهر إن أخذه بعد إعطائه بطوع الفقير دون تقديم شرط أجزأ، وكرها كذلك إن كان له ما يواريه ويعيشه الأيام وإلا فلا وبشرط كما لم يعطه. واعلم أن الراجح من التردد القول بالجواز؛ لأنه قد رجحه المصنف في التوضيح وابن عرفة، وقال الحطاب: إنه أظهر. ابن عبد السلام: فلو أعطاها له جاز أخذها منه في دينه. انتهى. وهو ما قدمته عن الأجهوري. وجاب، هذا هو الصنف الثالث من الأصناف الثمانية، وتقدم الكلام على اثنين منها وهما الفقير والمسكين؛ يعني أن الجابي من الذين يُعْطَوْن من الزكاة، وقوله: "وجاب"، معطوف على فقير؛ وهو مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين وهما الياء والتنوين، والجابي اسم فاعل من جبى المال يجيبه إذا جَمَعَهُ, فالجابي هو الذي يجمع الزكاة ومن أصل هذا المعنى قوله عز وجل: {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}، ومنه أيضا: الجابية وهي الحوض الكبير يجتمع فيه الماء، قال تعالى: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}، وقال الشاعر:
نفى الذم عن آل المحلق جفنة ... كجابية الشيخ العراقي تفهق
وقال طرفة:
بجفان تعتري نَادِيَنَا ... من سديف حين هاج الصِّنَّبرْ
كالجوابي لا تني مُتْرَعَةً ... لقرى الأضياف أو للمحتضر