قال الحطاب: واعلم أن المصنف حاول على اختصار [كلام] (?)، ابن رشد، فلم يتيسر له الإتيان به على وجهه، قال في المقدمات: الدين على أربعة أقسام: دين من فائدة، ودين من غصب، ودين من قرض، ودين من تجارة؛ فهذه الثلاثة الأخيرة الحكم فيها سواء على المشهور تجب الزكاة فيها لسنة واحدة على حول أصل المال، ويؤخذ حكمها من كلام المصنف، أما دين الغصب فقد قدم المصنف أن المغصوبة يزكيها لعام واحد في قوله: لا مغصوبة"، وأما دين التجارة والقرض فمن هنا، وهذا في غير المدير -وسيأتي حكم المدير- فإن فر بالتأخير فالذي مشى عليه المصنف أنه يزكيه لعام وحد أيضًا، وأما دين الفائدة فقال ابن رشد: ينقسم أيضًا على أربعة أقسام:
أحدها: أن يكون من ميراث أو عطية أو أرش جناية أو مهر امرأة أو ثمن خلع، وما أشبه ذلك، فهذا لا زكاة فيه إلَّا بعد حول من يوم قبضه حالا كان أو مؤجلا، ولو فر بتأخيره هذا هو الذي أشار إليه المصنف، بقوله: "إن كان عن كهبة أو أرش"، ولهذا قلنا إنه لو قال: لا إن كان عن كهبة فيستقبل، لصح كلامه. وفي بعض المصلحة: ولو فر بتأخيره إن كان عن كهبة أو أرش استقبل.
الثاني: أن يكون من ثمن عرض أفاده بوجه من وجوه الفائدة، فإن كان حالا فيستقبل حولا من يوم قبضه اتفاقا. وإن كان مؤجلا ففيه قولان، المشهور أنه كالحال، والثاني لابن الماجشون والمغيرة: يزكيه لحول من يوم بيعه، ولو فر بتأخيره فيتخرج فيه قولان؛ أحدهما أنه يزكيه لكل عام، والثاني أن يبقى على حكمه، كما لو لم يتركه فرارا، وقال الرجراجي: إن القول بزكاتها هنا لعام واحد لابن القاسم، ومقابله لابن الماجشون، والقسم الثالث أن يكون الدين من كراء أو إجارة. فهذا إن قبضه بعد استيفاء السكنى والخدمة كان الحكم فيه كالقسم الثاني، وإلى هذين القسمين أشار المؤلف بقوله: "وعن إجارة أو عرض مفاد، قولان"، وإنما تكلم على حكم الفرار فقط. واستغنى عن أن يذكر الاستيفاء؛ لأنه إذا لم يتحقق الاستيفاء لم يتحقق الدين، واستغنى عن ذكر كون القولين مخرجين، وأنه يأتي فيه قول آخر بالاستقبال كما في كلام ابن رشد؛ لأن الرجراجي نقل هنا القولين نصا كما تقدم عنه ولم يذكر الثالث. والله أعلم. وإن كان قبل الاستيفاء، ففي ذلك ثلاثة أقوال يأتي ذكرها، والكلام عليها عند قول المصنف: أو مر لكموجر