وقد علمت أنه لا فرق في هذا المذكور بين أن يكون أصل الدين عينا أقرضها، أو عرض تجارة. والله سبحانه أعلم. قال الحطاب عند قوله "لسنة من أصله": أي يزكي الدين بعد مضي حول على أصل الدين، لا على الدين، فلو كان عنده نصاب ثمانية أشهر ثم داينه لشخص، فأقام عنده أربعة أشهر ثم اقتضاه، زكاه إذ ذاك. انتهى. وما اقتضاه قبل كمال الحول وتلف قبله لا يزكيه ولا يضمه لما يقتضيه بعده.

قال في المدونة: وكذا إذا أنفقه قبل الحول أيضًا، وأما لو اقتضى شيئًا قبل مضي الحول وبقي فإنه يضم لما قبض بعدها قطعا، ويزكيهما حيث كمل بهما النصاب. قاله محمد بن الحسن رادا على عبد الباقي، وقوله "لسنة من أصله"؛ أي ولو لم يبق في ذمة المدين إلَّا يومًا واحدا، وقوله: "لسنة من أصله"؛ أي لا من يوم المداينة، وقوله: "لسنة من أصله"، هو في دين المحتكر كما علمت، ومثله دين القرض ولو كان المقرض مديرا.

ولو فر بتأخيره؛ قرر على أنه مبالغة في المنطوق، قال الشارح: يريد أن الدين يزكيه ربه لسنة واحدة من أصله، ولو فر من الزكاة بتأخيره؛ أي بعدم قبضه من المدين. انتهى. وبهذا قرره الرماصي، فقال: قال ابن غازي مبالغة في دين المحتكر: وتقدم عن ابن عبد السلام أن الكلام هنا في دين المحتكر. ابن عرفة: ودين المحتكر ذهبا أو فضة من قرض أو ثمن ما ملك لتجر يزكى بقبضه لحول فصاعدا مرّة، ثم قال: ولو أخره فارا ففيها زكاه لعام واحد. انتهى كلام الرماصي. وقال الحطاب عند قوله "ولو فر بتأخيره" ما نصه: قال ابن عرفة: ولو أخره فارا: ففيها زكاه لعام واحد، وسمع أصبغ ابن القاسم: لكل عام. انتهى. وعلى هذا رد المصنف "بلو"، على ابن القاسم، قال: لما سئل ابن القاسم عن زكاة الدين، وأن ربه يزكيه عند اقتضائه لسنة واحدة بالشروط المذكورة؟ قال: هذا إن لم يفر بتأخيره، فإن فر فيزكيه لكل عام مضى وخالفه غيره، ورأى أنه لا فرق ولا يظن بعاقل أنه يترك قبض ماله فرارا من الزكاة؛ لأنه لو اشترى أي سلعة كانت ربح فيها مقدار حصة الزكاة وزيادة. انتهى. وقال الأمير: لسنة من أصله، ولو فر بتأخيره على المعتمد. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015