الحسن: رد المصنف "بلو"، قول ابن المواز بعدم الزكاة، واستظهره ابن رشد، لكن إذا تلف من غير سببه، وأما إذا تلف بسببه أو أنفقه فلا خلاف في وجوب الزكاة، وهذا الخلاف إنما يكون إذا تلف بعد أن مضى من المدة ما لو كان ما تجب فيه لضمنها، وأما إن تلف بفور قبضه فلا اختلاف أنه لا يضمن ما دون النصاب، كما لا يضمن النصاب.
والحاصل أنه إذا قبض نصابا وتلف بالفور قبل إمكان التزكية سقطت الزكاة اتفاقا، وأنه إذا قبض نصابا وزكاه واستمر في يده أو لم يزكه أو ضاع بتفريط أو أنفقه في حوائجه، فلا كلام في تزكية ما يقتضي بعده قل أو كثر، وإن تلف النصاب منه بغير تفريط؛ أي وبعد إمكان الأداء، فهل يزكى ما اقتضى بعده من قليل أو كثير؟ وهو قول ابن القاسم وأشهب، أو لا يزكي حتى يقتضي نصابا؟ وهو قول ابن المواز، ولو تلف بالفور فلا يزكي ما اقتضى بعد ذلك إلَّا إذا بلغ نصابا باتفاق، وأما إذا قبض دون النصاب وتلف بالفور بحيث لا يمكن الأداء لو كان نصابا، فلا يزكي ما يقتضي بعد ذلك إلَّا أن يكون نصابا، وإن أمكنه الأداء وتلف بسببة أو بتفريط فإنه يزكي إن اقتضى ما يتم به التالف باتفاق ابن المواز، وابن القاسم: وإن تلف بغير سببه ولا تفريط منه فالزكاة على المشهور، خلافا لابن المواز.
أو بفائدة جمعهما ملك وحول، هذا مفهوم قوله: "كمل بنفسه"، وقوله: "أو بفائدة"، عطف على قوله: "بنفسه"؛ يعني أن الدين المقبوض إذا لم يكن نصابا ولكنه حصل عند ربه منه ومن فائدة ما بلغ النصاب، فإنه يزكي ذلك لسنة من أصله، والمراد بالفائدة هنا ما تجدد عن مال أو غيره، فهي أعم مما مر، ويشترط في زكاة النصاب الحاصل من الفائدة والدين أن يجمعهما ملك وحول، بأن يحول الحول على الفائدة؛ وهي في ملك صاحب الدين، سواء كمل حولها قبل الاقتضاء أو معه، ومعلوم أن الدين لا يزكى حتى يكون قد مضى لأصله حول، فقد جمعهما الملك والحول، وأما لو لم يكمل حول الفائدة إلَّا بعد الاقتضاء فإنه لا يزكى الدين حين الاقتضاء، بل تؤخر الزكاة حتى يكمل حول الفائدة فَيزكَّي حينئذ، ولو مر للفائدة عنده ثمانية أشهر واقتضى من دينه ما يصيرها نصابا فأكثر، زكى ما اقتضاه إن بقي لتمام حولها، وبقيت لتمامه ليحصل جمع الحول والملك لهما.