وعلم من هذا أنه إذا لم ينو شيئًا لكان الحكم في ذلك كالقنية لا كالتجارة. والله سبحانه أعلم. والضمير في "أحدهما"، للاكتراء والزرع المفهومين من قوله: "وإن اكترى وزرع للتجارة"، على حد قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، فقوله عزَّ وجلَّ: {هُوَ} أي العدل المفهوم من اعدلوا. وإن وجبت زكاة في عينها زكى، الضمير في عينها للغلة المفهومة من السياق؛ يعني أن الغلة في جميع ما مر زرع للقنية أو للتجارة كانت الثمرة مؤبرة أم لا، كانت السلعة للقنية أم للتجارة إذا وجبت زكاة في عينها أي الغلة، بأن يبلغ الحب المزكى أو الثمر المزكى خمسة أوسق فأكثر، فإن الزكاة يجب أن تخرج من الحب أو الثمر، وعلم من هذا أن قوله: وإن وجبت زكاة في عينها يرجع لما قبل الاستثناء؛ أعني قوله: "إلَّا المأبورة"، ولا بعده كما هو ظاهر. وذكر هذا، وإن علم من قوله: "وفي خمسة أوسق" استيفاء للمسائل، وليرتب عليه قوله: ثم زكى الثمن لحول التزكية؛ يعني أنه إذا زكى الثمرة المؤبرة لوجوب الزكاة في عينها، فإنه إذا باعها يزكي ثمنها لحول من يوم زكى الثمرة المؤبرة، لا من يوم قبض الثمن، وكذا إذا اكترى أرضا للتجارة وزرع فيها أيضًا بنية التجارة؛ فإنه يزكي ما وجبت الزكاة في عينه من ذلك الزرع، فإذا باعه بعد ذلك فإنه يزكي ثمنه على حول من يوم تزكية الزرع، لا من يوم قبض الثمن.

وعلم مما قررت أن قوله: "وإن وجبت زكاة في عينها زكى"، عَامٌ في جميع المسائل المتقدمة، وأن قوله: "ثم زكى الثمن"، خاص بشيئين: أحدهما قوله: "إلَّا المؤبرة"، والثاني قوله: "وإن اكترى وزرع للتجارة"، حيث حصل من الزرع ما فيه نصاب، وأما غير ذلك مما وجبت الزكاة في عينه؛ إذا باعه بعد أن زكاه فإنه يستقبل بثمنه حولا من يوم قبض الثمن. وإنما اتبع حول الثمن هنا حول تزكية الثمرة؛ لأن زكاة عينها أبطلت حول الثمن، بخلاف ما مر. قاله عبد الباقي. أي لأن ذلك يستقبل به كما علم من قوله: "وبالتجدد عن سلع التجارة"، وقوله: "ثم زكى الثمن لحول التزكية"، كان مديرا أم لا.

تنبيهات: الأول: قال محمد بن الحسن عند قول المصنف: "وإن اكترى وزرع للتجارة زكى"، ما نصه: الظاهر أن هذه المسألة من أفراد قوله فيما تقدم: كغلة مكترى للتجارة، ويدل عليه كلام الحطاب. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015