وغيره أن المعين استحقه بالوفاة وله النظر فيه، وأما غيره فلا يتأتى له فيه نظر كما سبقت الإشارة إليه، فكان ذلك قرينة دالة على إرادة الموصي دفع الجزء الموصى به بعد طيبه.
وقد تقدم أن النفقة في المسائل الثلاث على الميت. تؤخذ من ثلثه، فإن وفى بها فواضح، فإن زادت النفقة على الثلث أخرج من مال الميت محمل الثلث، فإن لم يكن للميت مال غير الزرع قيل للورثة: أنفقوا عليه، وقاصوهم بنفقتكم في ثلث الزرع الموصى بعشره لهم، فإن بقي من ثلث المزرع بعد إخراج نفقتكم منه أكثر من عشر جميعه كان لهم العشر، وما بقي فلكم وإن بقي العشر فأقل لم يكن لهم غيره؛ لأنه باقي ثلث الميت بعد إخراج نفقتكم، وإن أبى الورثة أن ينفقوا أو لم يكن لهم مال دفعوه مساقاة، وكان للموصى لهم عشر الجميع يأخذونه من حصة الورثة التي وقعت لهم في المساقاة: فلا يزاد الموصى لهم على ثلث ذلك؛ أي يأخذ المساقى جزءه، وما بقي يأخذ الموصى لهم منه ما أوصى لهم به إن كان ما أوصى لهم به ثلث ما بقي بعد أخذ المساقى جزءه فأقلَّ، فإن كان أكثر فلا يأخذون إلا ثلث ما بقي من الزرع؛ إذ كأنه جميع ما خلفه الميت، وسكت المصنف عن الزكاة، وكان الأولى بالباب ذكرها، فإن كانت الوصية بعد الوجوب أو قبله ومات بعد الوجوب فعلى الموصي مطلقا، وإن كانت قبله ومات قبل الوجوب ففي ماله أيضا إن كانت بكيل لمساكين أو لعين، فإن كانت بجزء كربع لمعين زكاها العين إن كانت نصابا ولو بضمها لا عنده، ولمساكين زكيت على ذمتهم إن كانت نصابا، ولا يُرجَعُ على الورثة بما أخذ من الزكاة.
وما تقدم من أنه إذا كانت الوصية قبل الوجوب، ومات الموصي قبل الوجوب تكون في مال الميت إن كانت بكيل، لا يخالف ما مر من أنه لا زكاة على من مات قبل الوجوب؛ لأن ما مر لم يتعلق به وصية، وما هنا تعلق به وصية، فلذا زكي من ماله والدين كالوصية.
وَلَمَّا كَانَ الخرص -بفتح الخاء وسكون الراء مصدر خرص يخرص بضم الراء وكسرها وهو حزر ما على النخل من الرطب تمرا، وبكسر الخاء الشيء المقدر فيه، يقال: خرص هذه النخلة كذا وسقا، والخراص الكذاب، ومنه قوله تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}؛ أي الذين يتكلمون بالظن من غير يقين -إنما يدخل في التمر والعنب دون غيرهما، أَفَادَ المصنف ذلك بصيغة الحصر مع بيان