علمت، وأما إذا مات بعدهما فإن ذلك يزكى على ملك الموروث، فتجب الزكاة في الفرض المذكور، فإن كان المجموع أقل من نصاب فلا زكاة فيه، ولا يقال حينئذ إن حصل للوارث فيما نابه مع ما عنده نصاب تجب الزكاة؛ لأن هذا أي متروك الميت إنما يزكى بعد الإفراك والطيب على ملك الميت لا على ملك الوارث، كان عنده ما يضمه إليه أم لا، هذا الذي يفيده النقل. قاله محمد بن الحسن. وقوله: "فلا شيء على وارث" الخ؛ يعني لأن ما ناب الوارث حينئذ يزكى على ملكه لكون الموروث مات قبل الطيب والإفراك، وقيد هذا عبد الحق بما إذا كان يحصل للوارث شيء، وأما لو مات قبلهما وقد استُغْرِقَت ذمته بالدين لوجب أن يزكى على ملك الميت لتقديم الدين على الوارث. والله سبحانه أعلم. ولو اختلف زمن طيب زرع الوارث وزرع الموروث، فإنه يضم أحدهما إلى الآخر إن زرع أحدهما قبل حصاد الآخر، والظاهر أنه لا وجه للتنظير في ذلك. كما قاله محمد بن الحسن. وقوله: "فلا شيء على وارث قبلهما"، وكذلك إذا أعتق العبد قبلهما، أو أسلم الكافر، أو وهب الزرع، أو بعضه، أو تصدق به على معين، أو استحق النصف كما في الطلاق، أو انتزع السيد مال عبده فتجب الزكاة، وإذا وقع شيء من ذلك بعدهما لم يتغير الحكم عما كان عليه، وكذا لو أخرج زكاة الزرع حينئذ، فعلى المشهور تجزئ، وعلى قول ابن مسلمة لا تجزئ، كما مر؛ لأن مذهبه أن وجوب الزكاة بالحصاد في الحب وبالجذاذ في الثمر. وقد روى زياد وابن نافع عن مالك: أن من أخذت منه زكاة زرعه والزرع قائم في سنبله، فإن ذلك يجزئه إذا لم يتطوع بها عن نفسه، ومعنى ذلك إذا أخذها منه في المختلف فيه بعد أن أفرك وقبل يبسه، وكأنه إنما قال في الزرع يجزئه إذا لم يتطوع بها لأنه لا يعرف كيل الحب قبل حصده، ومراعاة لقول محمد بن مسلمة، وإلا فقد تقدم أن ما تصدق به بعد وقت الوجوب يحسبه إلا إذا نواه من الزكاة فإنه يجزئه، وأيضا لما نقل ابن يونس والشيخ أبو الحسن عن ابن مسلمة: أنه إذا أخرجها بعد الخرص وقبل الجذ لا تجزئه، قالا: لأنه أخرجها قبل وجوبها فمقتضاه أو صريحه أنه يجزئ على القول بوجوبها. قاله الحطاب.

وعلم من هذا ومن كلام النوادر المتقدم أنه لا يجب عليه أن يخرج من غير الزرع، قال ابن جماعة: ويجوز أن يعطي الزكاة إذا وجبت من عينها أو من غيرها إذا دفع مثلها أو أجود، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015