هو مذهب المدونة كما في المواق. انتهى. قال عبد الباقي: ومفهوم قوله: "وما لا يجف"، أن ما يجف بالفعل لا يخرج من ثمنه، بل من حبة أكله أو باعه لمن يجففه، لا لمن لا يجففه، فيجوز أن يخرج من ثمنه. انتهى. قال محمد بن الحسن: فيه نظر، بل ما تقدم من كلام المدونة وابن يونس يدل على أن ما يجف لا يخرج إلا من حبه إلا إن عجز عن التحري فمن ثمنه، ولا فرق بين بيعه لمن يجففه وبيعه لمن لا يجففه، وما ذكره من هذا التفصيل أصله في المواق أخذه من كلام ابن رشد، وهو لا دليل فيه لأن ما ذكره ابن رشد إنما هو باعتبار الغالب.
وفول أخضر؛ يعني أن الفول الذي بيع أخضر ولم يترك حتى ييبَس كالسقاوي بمصر؛ وهو الذي يسقى بالسواقي يخرج نصف عشر ثمنه، ونصف عشر قيمته إن أكله أخضر بلا بيع، قال عبد الباقي: وظاهره تعين الإخراج من قيمته أو ثمنه كالمسألتين قبله، وليس بمراد؛ إذ المعتمد فيه أنه يخير بين إخراج ثمنه أو قيمته، وبين أن يخرج عنه حبا يابسا بعد اعتبار جفاف الأصل. كما نقله ابن يونس عن مالك.
والفرق بينه وبين المسألتين قبله أنه لما كان يمكن فيه اليبس جاز النظر له، وإلى ما يشترى له من أكله أخضر بخلاف المسألتين قبله، فإن ترك السقاوي حتى يبس أخرج من حبه، وأما الفول الذي يترك دائما حتى ييبس بالفعل كالذي يزرع في موضع البحر بمصر، فيتعين الإخراج من حبه، ولا يخرج من ثمنه ولو أكل أو بيع أخضر، ومثل الفول الأخضر الحمص الأخضر والفريك، وما يشترى من ثمر النخل والعنب لا ييبس، فإنه يجزئ الإخراج من حبة كالبلح المسمى بالخضارى لطيبه، ومثل ذلك الشعير الأخضر، لكن إن كان [زمن] (?) مسغبة لأنه يقصد بزمنها أكلا أو ثمنا، فلذا جاز من حبه وثمنه لحظ الفقراء حينئذ بخلاف زمن غيرها لعدم قصده بالأكل حينئذ ولرخصه غالبا، فإنما يخرج من حبه وليس مثلها البلح الخضارى الرامخ إذا بيع أو أكل، فلا يحسب ولو كثر لعدم الزكاة فيه؛ إذ هو لم يطب فلم يتعلق به وجوب، ولا يقاس على الفول الأخضر ونحوه؛ لأنه تجب الزكاة فيه بالإفراك، وقد حصل. والبلح لا تجب الزكاة فيه إلا بالطيب وهو الزهو، وما في معناه ولم يحصل، ووجوب الزكاة في الفريك الأخضر والشعير الأخضر