ستين صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام، والمد ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، فخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع، ويقال: وسقه يسقه: جمعه، ووسَّق الحنطة توسيقا جعلها وَسْقا وَسْقا، فالوسق بمعنى المكيال المعروف مسمى لغوي، وقوله: "وفي خمسة أوسق"، جزم سند في الطراز بأنها للتقريب حتى لو نقصت اليسير وجبت الزكاة؛ لأن النقص اليسير كالعدم. وللشافعية في كونها تحديدا وهو الأصح عندهم أو تقريبا قولان، ومن المجموعة وكتاب ابن المواز، قال مالك: لا زكاة فيما يؤخذ من الجبال من كرم وزيتون وتمر مما لا مالك له، وأما ما أخذ من ذلك في أرض العدو ففيه الخمس إن جعل في الغنائم، وقال الشبراخيتي: ولا زكاة في العشب الجبلي على من أخذ منه خمسة أوسق؛ لأنه غير مملوك لأحد، قال مالك: ولا يكون قرية أهل ذلك الجبل أحق به؛ وهو لمن أخذه، والأرض كلها لله ولرسوله. انتهى.
وقوله: "وفي خمسة أوسق"، قال الحطاب: الظاهر أنه متعلق بقوله أول الباب: "تجب"، وقوله بعد هذا: "نصف العشر"، معطوف على قوله أول الباب: "تجب زكاة نصاب النعم"، والمعنى: ويجب في خمسة أوسق نصف العشر. انتهى. وقال الشبراخيتي: إن قوله: "وفي خمسة أوسق"، خبر مقدم، ونصف عشرة مبتدأ مؤخر، وذكر ما قدمته عن الحطاب، وقال: إنه أولى لإفادته للحكم؛ وهو الوجوب صريحا. انتهى. والأصل فيما ذكر المصنف قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة (?)). انظر أبا الحسن على الرسالة.
وإن بأرض خراجية؛ يعني أنه لا فرق في وجوب الزكاة فيما تجب فيه من الحبوب والثمار، بين أن يكون في أرض خراجية؛ أي يؤدى منها الخراج، وبين غيرها من الأرض التي لا يؤدى منها الخراج؛ لأن الخراج الذي على الأرض لا يضع زكاة ما خرج منها، وفي المدونة: ومن اكترى أرض خراج أو غيرها، فزكاة ما أخرجت الأرض على المكتري، ولا يضع الخراج الذي على الأرض زكاة ما خرج منها عن الزارع، كانت الأرض له أو لغيره. وقوله: "وإن بأرض خراجية"، رد به على أبي حنيفة القائل: إن الخراج يسقط زكاة الأرض، وقال الشيخ محمد بن الحسن عن